وثائق سريّة أميركية وإسرائيلية!!
كُشف النقاب في الأيام الأخيرة عن وثائق سريّة أميركية تُظهر تورّط الولايات المتحدة في تأسيس ودعم داعش كما كُشف النقاب عن وثائق تُري أن مسؤولين في المعارضة السورية التقوا مسؤولين إسرائيليين في عامي 2012-2013. والسؤال هو هل نحن فعلاً بحاجة إلى هذه الوثائق السريّة كي نكتشف ما يبرهن عنه واقع الحال صباح مساء، أم إن هناك تردداً في قبول ما برهنه الميدان عشرات المرات واستعداداً لقبول ما يقوله المستعمِر وما يدعيه نتيجة العقلية التابعة التي غرسها الاستعمار في أذهان وقلوب البعض والتي لا تستطيع إلا أن تأخذ بكلام المستعمِر وادعاءاته؟
منذ أن ظهرت داعش بقوّة مفاجئة على أرض العراق وسورية أعلنت الولايات المتحدة أن قتال داعش سيحتاج إلى عقود وأنه لا يمكن هزيمتها في عام أو عامين ووضعوا صيغة لتحالف يدّعي محاربة داعش على مدى عشرين عاماً قادمة. وقد شهد العالم كله أن هذا التحالف هو فقاعة إعلامية أكثر منه حقيقة ملموسة لأنه لم يحارب داعش إلا بضربات انتقائية تهدف إلى خلق الظروف المناسبة لتنفيذ الإستراتيجية الأميركية غير المعلنة والتي كانت السبب الأساس وراء خلق داعش. وللأسف فإن معظم الإعلام الناطق بالعربية يتحدث عن غياب إستراتيجية أميركية وغربية لمحاربة داعش والواقع هو ليس غياب الإستراتيجية ولكنه إخفاؤها حيث لا يوجد شكّ أن الولايات المتحدة لديها إستراتيجية مكتوبة وواضحة للأهداف التي تريد من داعش أن تحققها ولذلك فإن ضربات التحالف كانت وستبقى ضربات انتقائية تخدم تحقيق الأهداف المرسومة لها. وقد بدأت بعض هذه الأهداف تطفو على السطح حين أعلن الجنرال ديمبسي منذ يومين قرار الولايات المتحدة بإنشاء قواعد عسكريّة في العراق على غرار قاعدة الأنبار وتوسيع قاعدة الأنبار من أجل محاربة داعش. فقوات الولايات المتحدة التي اّدعت الانسحاب من العراق مرغمة تحت ضغط المقاومة العراقية تعود اليوم من الباب لتعيد احتلال العراق تحت عنوان «محاربة داعش» كما أن الضربات الانتقائية التي يقوم بها التحالف ضدّ داعش على الأرض السورية يهدف إلى تقسيم سورية وخلق كيانات انفصاليّة والسماح لما يسمى بالدولة الإسلامية الامتداد حيث هو مقرر لها في الدوائر الأميركية أن تتمدد. وإلا فكيف يمكن لتنظيم أن يظهر ويقوى خلال عام ويمتلك المال والسلاح والعتاد والمرتزقة ويمتد من العراق إلى سورية وليبيا وتونس وبوكو حرام رغم أنه مصنف على أنه تنظيم إرهابي؟ وكيف يمكن لآلاف الإرهابيين والمرتزقة أن يصلوا من كل أنحاء العالم إلى تركيا، حليفة الغرب وعضو الناتو، ومن ثم يتقاطرون إلى سورية والعراق دون أن تتمكن القوى الغربية من تنفيذ قرارات مجلس الأمن التي تُعاقِب على التمويل والتسليح وتمرير الإرهابيين؟ وكيف يمكن لكلّ هؤلاء الإرهابيين أن يتدفقوا إلى الأراضي التركية دون أن تقع حادثة إرهابيّة واحدة على الأرض التركية؟ ودون أن يتمكن الغرب من مكافحة هذه الظاهرة التي تقع تحت نظره في مخالفة إجراميّة للشرعيّة الدوليّة وقرارات مجلس الأمن؟ وكيف يُتاجِر هذا التنظيم بالنفط السوري والآثار السورية والعراقية ويجني الأرباح الهائلة من خلال بيع النفط لتركيا وإسرائيل دون أن تتمكن الأقمار الصناعية من رصد صهاريجهم ودون أن تتمكن البنوك من رصد تمويلاتهم أو سحب أموالهم؟ إن توازع الأدوار هنا بين الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل والسعودية وقطر واضح ولا يحتاج إلى أي برهان.
من الواضح جداً أن داعش هو أداة لتنفيذ إستراتيجية أميركيّة في العالم العربي ستتضح يوماً بعد يوم لمن لا يريد أن يرى أن مرتسماتها وأهدافها واضحة جداً منذ اليوم الأول. ومن الواضح أن مسؤولي المعارضة السورية الذين يطيلون أمد سفك الدماء في سورية ويتغاضون عن تدمير بلدهم وبناه التحتيّة يخدمون مصلحة العدو الإسرائيلي سواء أكشِفت وثائق سريّة عن هذا أم لم تُكشف. لماذا تحتاج الأمور الواضحة على الأرض إلى وثائق سريّة للبرهان على حدث ماديّ وملموس؟ ربما لأن البعض غير قادر على أن يؤمن بشيء إلا إذا كان مصدره السيد المستعمِر.