تشارلي إيبدو: من المستفيد؟
القاعدة الأساسية في الغرب هي أن يُسأل في بداية كل تحقيق لدى وقوع أي حادث جنائي من هو المستفيد؟ ومن ثمّ يُبحث عمّن يقف وراء هذا الحادث. إلا أن هذه القاعدة لم يتمّ اتباعها بعد وقوع أحداث الحادي عشر من أيلول في الولايات المتحدة عام 2001 كما لم يتمّ حتى ذكرها في أعقاب الجريمة الإرهابيّة ضدّ صحيفة تشارلي إيبدو المتورطة بإهانة المشاعر الدينيّة لـ1.5 مليار مسلم في العالم دون أي مبرّر سوى نشر الكراهيّة والحقد بين الشعوب واستثارة العنف والإرهاب.
ولكن نظرة سريعة لمسار الأحداث في الأشهر الأخيرة وخاصة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة في الصيف الماضي وبعد إخفاق المحادثات الفلسطينيّة الإسرائيليّة يُفيد ببعض الحقائق التي قد تشكّل مؤشراً على هوية المستفيد من هذه الأحداث.
لقد شَهِدَ الإعلام الغربيّ تحوّلاً نوعيّاً في الأحداث الأخيرة على غزة، وعلى غير العادة، أخذت تظهر في الإعلام الغربي صور للدمار الذي ألحقه الإسرائيليّون في غزّة وقصص عن الأطفال والمدارس والمشافي التي كانت ضحيّة هذا العدوان. وبدأت شبه موجة بالاعتراف بدولة فلسطين بدأتها السويد التي اعترف برلمانها بالدولة الفلسطينيّة وتبعتها دول أوروبية أخرى ومنها اليونان وغيرها ووصلت هذه الموجة قمتها مع اعتراف البرلمان الأوروبي بدولة فلسطين والتشدّد الأوروبيّ ضدّ استيراد منتجات المستوطنات أو منتجات الجولان السوريّ المحتلّ ما أثار غضب وإرباك قادة الكيان الصهيوني حيثُ اتهم الصهاينة أوروبا بفقدان عقلها وتوازنها وحكمتها.
وللمرة الأولى بدت أوروبا وكأنها تعبت من تحمّل تبعات الجرائم الإسرائيليّة وباشرت بالتحرّر منها بخطى بطيئة ولكنها أكيدة ومدروسة. علّ هذا التطور لم يلق الاهتمام الكافي في الإعلام العربي المنشغل، كما يُراد له، بداعش وأخواتها في سورية والعراق ولبنان واليمن والذي يرتكب خطأً فادحاً لعدم ربط كلّ ما يجري بالصراع العربي-الإسرائيلي. ولكنّ هذا التحوّل في المواقف الغربيّة من القضيّة الفلسطينيّة كان لافتاً.