مقالات

لماذا الجيش المصري؟

إن المتابع لما يجري في مصر العزيزة يلاحظ أن الإرهابيين والذين يعملون تحت مسميات مختلفة، «أنصار بيت المقدس، ولاية سيناء أو أي اسم آخر» قد استهدفوا غالباً أو دائماً ضباط وجنود الجيش المصري وما الجريمة الأخيرة التي ارتكبوها بحق جيش مصر والتي ذهب ضحيتها أكثر من 30 شهيداً وعشرات الجرحى إلا تصعيد خطير لأسلوب إجرامي غدا واضحاً اليوم أن هدفه هو تدمير جيش مصر.

والسؤال الأول الذي يطرح نفسه هنا هو: من هو صاحب المصلحة في تدمير جيش مصر؟ والسؤال الثاني ما علاقة هذه الأعمال الإجرامية بما تعرّض له الجيش العراقي والجيش الليبي والجيش السوري في العقدين الأخيرين؟ لنبدأ بالسؤال الثاني أولاً. لقد أصبح مؤكداً اليوم أن الغزو الأميركي للعراق الذي تمّ بحجة القضاء على أسلحة الدمار الشامل، والتي لم تكن موجودة أصلاً، والقضاء على الإرهاب، الذي لم يكن موجوداً أيضاً، بل تم استقدامه بعد ذلك.

 إن هذا الغزو قد قام بحلّ الجيش العراقي وقوى الشرطة والأمن وأن هذه أكبر كارثة حلت بالعراق والشعب العراقي لأن دولة من دون جيش تكون هشةً وعرضةً لمحاولات الآثمين والمعتدين.

أما السؤال الأول عن صاحب المصلحة في تدمير الجيش المصري فسوف نعتمد في الإجابة عنه على أقوال بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، الذي قال: «قوتنا ليست في سلاحنا النووي، قوتنا تكمن في تفتيت ثلاث دول كبيرة حولنا وبالترتيب: العراق وسورية ومصر إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية، ونجاحنا في هذا الأمر لا يعتمد على ذكائنا بقدر ما يعتمد على جهل وغباء الطرف الآخر».

وبمراجعة سريعة لما جرى في العراق وما يجري في سورية نصل إلى يقين أن هدف غزو العراق هو تفتيت العراق إلى دويلات على أسس دينية وطائفية وأن هدف ما سمي بالربيع العربي، وهو ربيع إسرائيلي دون شك، هو تفتيت ليبيا وسورية ومصر. ونلاحظ من خلال مجريات الأحداث في العراق وسورية ومصر أن المستهدف الأول في هذه البلدان هو جيوشها فتدمير أو إضعاف هذه الجيوش يصبّ أولاً وقبل كل شئ في مصلحة الصهيونية وأعوانها وأدواتها في المنطقة ونعود هنا للحقيقة الثابتة والتي لا غبار عليها وهي أن الصراع العربي – الإسرائيلي هو الأساس لكلّ ما يجري في المنطقة وأن الصهيونية وأداتها، الكيان الصهيوني، هما المحركان الأساسيان لما سموه هم «بالربيع العربي”من أجل خلق الأوهام لدى الشعب العربي وذرّ الرماد في العيون.

من هنا تأتي جريمة الإسرائيلي في عملية القنيطرة والرّد الشجاع والحاسم عليها من مقاومة حزب اللـه في شبعا لتشكّل بوصلة المستقبل، وترسم خريطة طريق، ليس للمقاومة فقط وإنما للبلدان والجيوش العربية على امتداد الساحة الإقليمية. أن أهم درس استخلصناه من الجريمة التي ارتكبها الصهاينة في القنيطرة والردّ عليها في شبعا وامتزاج الدم الإيراني مع الدم اللبناني على أرض الجولان هو أن جغرافيا جبهة الصراع مع إسرائيل تجعل منها حكماً جبهة واحدة وأن استهداف العدوّ الإسرائيلي لنا جميعاً على الأرض وفي السياسة والإعلام والمحافل الدولية يجب أن يقنعنا بأن توحيد الجهود والمواقف بات ضرورة حتمية للانتصار على هذا العدو. والجميع يدرك اليوم أن داعش، والنصرة، وأنصار بيت المقدس، وجيش الإسلام، وإلى كل ما هنالك من تسميات مضلّلة ما هي إلا مجرد أدوات لعقل صهيوني استعماري استيطاني يبث بذور الفتنة والطائفية كي يبسط سيطرته هو على الإقليم.

فهل يمكن للعرب جميعاً اليوم، وبعد كل ما جرى، وقبل أن تتضاعف خسائرهم، أن يوقنوا أنهم جميعاً في قارب واحد وأن فلسطين هي خط الدفاع الأول، وأن الدفاع عن فلسطين في كل المحافل، هو دفاع عن أنفسهم، وأن ما يصيب العراق وسورية ومصر وأي بلد عربي آخر يستهدف كل عربي وفي كامل جغرافيا المنطقة ويهدف أن يطوله عاجلاً أو آجلاً.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى