محاضراتمحاضرات اغترابية

اجتماع مع الجالية العربية السورية في ألمانيا

18 حزيران 2004

 إن الشيء الذي يميّز هذا الاجتماع و الذي أريد أن أشكركم عليه هو اصطحابكم لأولادكم. و الحقيقة لقد أثلج صدري وجود الأجيال الشابّة أنهم قادمون مع أولادكم و هذا الشيء جداً مميز لم أراه في أي مكان آخر، و هذا شيء مهم جداً، و ما يهمنا بشكل حقيقي هو الجيل الثاني و الثالث و أن تبقى جالياتنا منتمية إلى الوطن، تفخر بهويتها. فأنا أحييكم جداً على هذه النقطة. هذه النقطة جداً مهمة و أتمنى أن تصبح أساسية في عملكم هنا، أن نأتي دائماً مع أولادنا حتى لو كانوا لا يتحدثون العربية، يتعلموها لاحقاً، و بقدومهم هنا يروا أن بلدهم فيه أشياء جميلة يقدمها لأنه دائماً الدعاية التي تصلهم هي دعاية ليست سارة و خصوصاً في هذه اللحظات التي تمر فيها الآن منطقتنا.

في الحقيقة أنا لديّ تحليلي لأحداث التي تمرّ بها منطقتنا. و أشعر أن العروبة هي المستهدفة. في الشرق الأوسط و في العالم العربي لا يوجد لدينا لا تفرقة دينية، و لا عرقية و لا يوجد لدينا أقليات. نحن عرب، و عشنا كل تاريخنا عرب و أرمن و أكراد و آشوريين و كل الأعراق، و نحن نفخر بهذا التعايش الذي أغنانا جميعاً. يعني في الحقيقة في سوريا من المستحيل أن يسألك أحد ما هو دينك. يعني، هذا سؤال ليس من الممكن أن يسأله أحد لأنه يعتبر سؤال غير مؤدب لأننا في سوريا المهم أن نكون سوريين و أن تكون سوريا غالية علينا و العلم السوري هو حبيبنا جميعاً. و لا يوجد أي شرط آخر سوى شرط المواطنية و الإنتماء.

قد يكون جزء من المشكلة في وصول العالم العربي إلى هذه المرحلة هي أنه لم يضع المنظور الوطني أولاً. و نحن إذا أردنا الإعتراف بالخطأ هو فقط لتجاوز الخطأ. يجب أن نتعرف جميعاً أن الوطن هو أولاً، و المصلحة العامة هي أولاً فوق كل وزير و  كل وزير كل سفير، الوطن هو أولاً. فإذا وضعنا هذا المنظور أمامنا فإننا لن نختلف لأن العمل العام الذي يخدم مصلحة الوطن كلنا متفقين عليه، أما الإختلاف يأتي من وجود أغراض شخصية و ضيقة، هذا ما يختلف عليه الناس. و إذا أردنا أن نتعلم شيئاً ما من الغرب فإنه يجب أن نتعلم أنّ الشخص لا يمكن له أن يسيطر على مؤسسة، أو أن يكون هو أهم من المؤسسة. المؤسسة هي أولاً، و العمل هو أولاً، و الوطن هو أولاً.

نحن كعرب يجب علينا أن نعترف أننا لم نحقق هذا الشيء و لهذا وصلنا إلى مرحلة من الضعف السياسي لدرجة أنه استهان بنا الآخرون. و ما حدث في العراق هو نموذج مأساوي لسوء الحكم و سوء الإدارة التي أوصلت العراق إلى الاحتلال. فيجب علينا أن نعترف نحن أنّ العالم العربي يمر بمرحلة ضعف سياسية حقيقية. هذا ليس عيباً أن نعترف به. لكن هذا لا يعني أننا كعرب لسنا أصحاب تاريخ و حضارة و إرث حضاري يحق لنا جميعاً أن نفتخر به. ما فعلته الصهيونية خاصةً في الفترة الأخيرة بعد أحداث 11 أيلول هو أنها عكست الضعف السياسي للعالم العربي على الإرث التاريخي و العريق للعالم العربي. و نحن علينا أن نفصل بين هذين الأمرين، و لكن يجب أن نكون صادقين و صريحين و أن نحترم أنفسنا. أي أن لا نقول أننا أحسن من كل العالم و أنّ أمريكا لا تفهم. هذا ليس صحيح، أمريكا تفهم و لديها قوة اقتصادية و عسكرية جبارة. ولكن عندها نقص حضاري و نقص معرفي و نقص ثقافي و أخلاقي و لذلك هي تتخبط.  الأخلاق يأتي من الحضارة، من التراث و من العمق التاريخي.

أحد الحضور: عفوً دكتورة، أعتقد أن سوريا هي فقط المستهدفة.

الدكتورة بثينة شعبان: لا، أنا لست معك. بدأ الاستهداف بفلسطين و من المؤسف جداً أننا تركنا الفلسطينيين يجابهون أعتى قوة بصدورهم العارية و هذا كان شيء لا يجوز فعله. طبعاً سوريا وقفت قدر ما استطاعت مع الفلسطينيين. و السبب في أنّ سوريا هي مستهدفة الآن هي وقوفها مع الفلسطينيين و مع المقاومة و مع الخط القومي في فلسطين. و من ثم استهدفوا العراق. و الآن يستهدفون سوريا و السعودية. و أنا أقول لك: كلنا مستهدفون، لا فرق بين المغرب و بين مصر و بين سوريا و بين السعودية. و أنا أقرأ هانس بليكس و أنا في الطائرةDisarming Iraq”   ”  أقول لك ما هو المستهدف؟؟ إنه العقل العربي. يعني لو أنهم أعطوا أمريكا العلماء العراقيين، لا يريدون إلا هذا الصهيونيين. لا يريدون أحداً مننا يفكر، و لا يريدون أحداً منا يكون له مساهمة في الثقافة العالمية. يريدون منا أننا نحن مجموعة إسلاميين و إرهابيين و متخلفين، هذا ما يريدونه. أما الشيء الذي يفعله الأستاذ و زوجته الثقافة هي الحل: أن نبرهن للعالم أننا ثقافياً عريقون و حضاريون. الآن التمسك باللغة العربية هي مقاومة. الحفاظ على الأدب العربي هو مقاومة. التمسك بالثقافة العربية هو مقاومة. ما يجري في العراق الآن أولاً: إن هانس بليكس يقول عن العلماء العراقيين أنهم من خيرة العلماء في العالم و أعجب بهم أيما إعجاب. العراق عنده عقول. العراق كبلد عنده الثروة المادية و الثروة الفكرية. و هذا غير مسموح الآن في العالم العربي. و للآسف نحن الآن و بشكلٍ غير مباشر نساهم في تحقيق مخططات الأعداء ضدنا.

أنت حين تقرأ كتاب هانس بليكس تشعر أنّ الحكومة  العراقية لا تفقه أي شيء مما يدور في العالم. إنها تعمل ضد مصلحتها. يقال عن هانس بليكس أنه جاسوس، و هانس بليكس يقاوم الضغط الأمريكي والضغط الصهيوني لتجنيب العراق الحرب. لم يستطع العراقيون للأسف، هانس بليكس يذهب و يقابل شيراك ويقابل طوني بلير و يذهب للعراق لكن صدام حسين لا يقابله. بلدك هذا. المسؤول عندنا يجب أن يتخلص من فكرة بريستيج على فكرة أنه خادم للبلد، هذه فكرة المسؤول يجب أن تكون عندنا.

أنا كوزيرة عملي أن أتعب و أسافر و أقابلكم و أتحدث معكم و أعرف مشاكلكم و أجلبكم للبلد، هذا عملي و لذلك سموني وزيرة للمغتربين و ليس كي أبقى هناك و أتعشى و أتغدى  و السلام عليكم و رحمة الله، هذا شيء لا يجوز.

ما ينقصنا نحن كمسؤولين عرب هو أن نشعر أن المسؤولية هي خدمة، و هي واجب و هي أن نكون أقل من الناس و ليس أكبر من الناس لأنّ كبير القوم خادمهم. هذه هي الفكرة التي يجب أن نعمل بها.

الأمر الآخر هو أنه ليس لدينا وعي حقيقي للتعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية. و الآن شئنا أم أبينا القرار هو في واشنطن، و إسرائيل تتصرف بضوءٍ أخضر من واشنطن. يعني لم يعد فرق كبير بين إسرائيل و واشنطن، هم واحد. مخططاتهم واحدة. البارحة قال لي مسؤول أمريكي كبير أنه إذا شارون قال لبوش أقفز من النافذة فإنه سوف يقفز لأنه يريد الأصوات اليهودية. و لذلك سيعمل كل ما يقول له شارون. ما هو الحل؟؟

الحل هو أن نتوجه إلى الرأي العام في الولايات المتحدة. نظام الولايات المتحدة مختلف تماماً عن أنظمتنا العربية. هذه حقيقة و هذا واقع. طبعاً هناك فئة متحكمة الآن و الذين هم “New Con.”   و لديهم مخططات طبعاً و لديهم كانت خطة عن غزو العراق، و لكن أنا بعد الذي قرأته الآن  عن العراق أقول لو كانت هناك حكومة عراقية قادرة على التفكير و المحاكمة لما تمكنت الولايات المتحدة من غزو العراق، مع كل سوء صدام حسين و مع كل ما فعله لما تمكنت الولايات المتحدة من غزو العراق، أبداً. لقد عذبوهم ثلاثة أشهر كي يدخلوا إلى مكان، و من ثم نكتشف أن المكان فارغ تماماً. هم لم يميزوا  بين واحد و آخر.

ما يجب أن نتعلمه أنّ في الولايات المتحدة بالفعل المجال مفتوح لمن يريد أن ينشط على المستوى السياسي، على المستوى الإعلامي و على مستوى الكونغرس. ماذا يحتاج هذا النشاط، يحتاج إلى تمويل و يحتاج إلى معرفة و يحتاج إلى فهم لخبايا الأمور في الولايات المتحدة. و هذه مسألة ليست صعبة أبداً.

متحدث: لكن كل هذا ممنوعٌ علينا، ممنوع علينا الفكر، ممنوع علينا المعرفة..

الدكتورة بثينة شعبان: و نحن أيضاً نساهم بمنعه عن أنفسنا كعرب. يجب أن نتحدث بصراحة. إن الإعلام الأمريكي إعلامٌ مفتوحٌ. و السياسة الأمريكية سياسة مفتوحة إذا أنت نشطت. شخص سوري من الأساتذة السوريين يتصل بالسفير السوري الدكتور عماد و يقول له لك غداً غداء مع أربعة Congressmen   لماذا؟ لأنه يدفع للـ Congressmen و يعملون له Fundraising .  كل شيء تستطيع أن تشتريه في أمريكا، و خصوصاً السياسة. لا يوجد شيء أرخص من السياسة، تستطيع أن تشتريها بسهولة و لكنك تريد أناس تعرف و تفهم كيف تتعامل مع السياسة، و يجب أن لا نقول أننا لا نستطيع. الصهيونية نجحت بزرع فكرة في أذهان العرب أن الساحة الأمريكية هي حكر على إسرائيل، و هذا غير صحيح، و الآن سوف أعطيكم مثال.

السنة الماضية عندما، و بعد أن أصبحت وزيرة بشهرين ذهبت إلى الولايات المتحدة و زرنا سبع ولايات، سبع منذ أن وصلت إلى شيكاغو و كليفلاند الناس بكوا و قالوا لي هذه أول مرة بتاريخنا نرى مسؤول سوري. لا سفير و لا مدير و لا وزير أبداً زارنا. تريد أن تفتش بالمطارات و تتعذب لماذا هذا التعب. ذهبنا و التقينا بالشباب و الصبايا و حكينا معهم و بقيت إسبوعين، و سفيرنا، الحقيقة، الدكتور عماد مصطفى الذي كان عميد كلية الآداب في جامعة دمشق و أستاذ خريج بريطانيا هو من خيرة أبناء هذا الوطن، الحقيقة، و إنسان مخلص و متابع و يفهم العقل الأمريكي و يتحدث اللغة الإنكليزية بشكل ممتاز تابع بعد أن عدت أنا في الولايات المتحدة، و تابع في الولايات و لا يمر شهر إلا و يسكن في إحدى الولايات المتحدة و لا يجلس بمنزله، و لا يوجد أحد في واشنطن لا يعرفه، لا يوجد أحد لا يمتدحه. الآن المفارقة أنه سفير ممتاز لسوريا و كل الأمريكيين يمتدحونه لأنه يتحدث بلغة حقيقية. يعني، نحن العرب ماذا نفعل؟ إما نقول أن أمريكا لا تفهم وإما نرضخ لأمريكا، مثل القذافي، يوجد شيء في الوسط. يوجد شيء كبير في الوسط أن تتعامل مع الأمريكيين بمحبة و بكرامة و لكن بثبات على المبادئ و الحقوق و أن لا تتنازل عنها أبداً. السفير بدأ ينشط و نشط مع السفير بشكل ممتاز الأب فيليب صليبا و الأب شلهوب و القوميين السوريين و العرب و اللبنانيين.  منذ ثلاث أشهر ظهر جيم موران عضو كونغرس أمريكي على التلفاز الأمريكي و قال أنه لولا AIPAC  لما دخلنا العراق، و أن دخولنا العراق هو خدمة لإسرائيل. و من المفروض أن تكون علاقاتنا مع العرب أفضل. فظلوا يضغطون عليه، طبعاً فوراً خسر موقعه، و بقيت الـ AIPAC  تضغط عليه إلى أن ظهر على التلفاز. سفيرنا اجتمع مع أناس و قال لهم يجب أن نفعل شيء ما. نحن لا نستطيع أن نجابه الـ AIPAC  لكن على الأقل يجب أن نشعر هذا الإنسان أننا لم نخذله، و أنّ الشخص الذي يدعمنا نحن نحترمه. AIPAC  انزلت منافس لجيم موران من الحزب الديمقراطي، طبعاً الجمهوري ليس لديه مجال أن ينزل شخص. هذا شيء لا يحدث أن تكون أنت ديمقراطي و حزبك ينزل مرشح آخر ديمقراطي ضدك. لماذا؟ لأن الـ AIPAC  تريد شخص ضد جيم موران لأن جيم موران تكلم لصالح العرب. بدأت الجالية العربي الـ ADC   و  الـ AI   و كل الجالية العربية تبرعوا لجيم موران. بدأ الشباب و الصبايا مثل الصبايا و الشباب الذين هنا يتبرعون بوقتهم و يذهبوا يقودوا حملات انتخابية، يعملون ملصقات و يوزعون منشورات. من اسبوعين نجح جيم موران ضد مرشح الـ AIPAC   نجح المرشح العربي بالانتخابات الأولى الـ primary  ضد مرشح الـ AIPAC . إذاً نحن أصحاب حق. و أصحاب قضية. الـ AIPAC   يسوقون القتل و الجريمة في فلسطين و الاحتلال. أما نحن أصحاب حق و ليس من الصعب أن نسوق قضيتنا أبداً. فقط نحتاج أن تعمل بعض الأدمغة و بعض الناس الذين لديهم إرادة و همة و نعمل مسيحياً و إسلامياً و عروبياً في الولايات المتحدة.

الآن يوجد سنتيا مكيلي كذلك a Congresswoman  خسّروها لأنها دعمت العرب، يقود لها الحملة الإنتخابية شب سوري يطير العقل إسمه سعيد المجتهد، يعملون لها CYER  و يعمل لها الـ ADC  و الـ AI    و أنا شبه واثقة أنها سوف تنجح، و أنها إذا نجحت ستجلب لنا الـ BLACK COCAS  و الذي هو 34 صوت كونغرس مان. اللوبي الإيرلندي معنا و اللوبي الأرمني معنا. و يوجد الكثير من الاختراقات نعملها في الكونغرس. ليس شيئاً مستحيلاً أبداً. هذا الكلام خلال سنة. و أنا شخصياً إذا أنتم قلتم لي هذا ممكن أقول لكم مستحيل. و لكن بمهمة وعمل و بمتابعة و بسخاء.

السنة الماضية أنا حضرت الـ ADC  و هذه هي رابع سنة أنا أذهب من سوريا إلى واشنطن كي أحضر الـ ADC . و الـ ADC  هي اللجنة العربية لكافحة التمييز. و هي لجنة ممتازة و كلهم عرب أمريكيين. They are proud of being Americans and they are proud of being Arab. And this is what we need. We need you to be proud of being German and to be proud of being Syrians. And we have no problem at all of that. There is no conflict of that at all.   لا يوجد أي تناقض بالمصلحة أبداً بين كون العرب يتمتعون بأي جنسية أخرى و بين كونهم فخورين بحضارتهم و إرثهم العربي التاريخي.

السنة الماضية ذهبت إلى الـ ADC   و كان رحمه الله ادوارد سعيد. أفضل مفكر عربي خدم العرب و القضية العربية كان ادوارد سعيد. ادوارد سعيد ألقى كلمة، طبعاً كان مريض، لكنه لم يغب أبداً عن الـ ADC   ادوارد سعيد. و عملوا Fund Raising  و على غداء لألف شخص جمعوا سبعة آلاف دولار. كنت أنا و الدكتور عماد. انجرحت، ماذا تعني سبعة آلاف دولار. لولا العيب أنا أتدين و أدفع سبعة آلاف دولار، ماذا تساوي سبعة آلاف دولار؟ و مع ادوارد سعيد.

السبت الماضي كان اجتماع الـ ADC   و مع كل النسج الذي نسجناه في العلاقات العربية في الولايات المتحدة. شخص واحد لوحده دفع مئة ألف دولار و هو أسعد جبارة. و جمعت الـ ADC   خلال ساعة فوق الثلاثمائة ألف دولار. كانت مكسورة على مئتين و سبعين ألف دولار، هذه كانت قبل سنة تأخذ منها عشر سنوات كي تجمعها. خلال ساعة جمعت ثلاثمائة ألف دولار لأن العرب شعروا أن السكين وصلت للرقبة. و أنّ هويتنا و عروبتنا على المحك؛ إما أن نعمل لإنقاذ هذه الهوية و العروبة و إما لن يعود هناك مجال.

و لذلك هذه فرصة، ويضاف لهذه الفرصة أنّ الأمريكيين أنفسهم و اليهود كثير منهم يشعرون أن ما يحدث في الشرق الأوسط هو أكبر الجرائم. و هو عار في تاريخ السياسة الأمريكية و الإسرائيلية و اليهودية، هو عار. و كثير من اليهود بالمناسبة هم ضد سياسة شارون في المنطقة. و أنا أرى أن الحوار المسيحي الإسلامي اليهودي هو حوار هام. أن نخرج للعالم و نقول أن هذا الصراع ليس صراعاً دينياً. هو صراع سياسي. هو صراع على الأرض و على الماء. هو اغتصاب حقوق شعب. يعني أن نتكلم اللغة التي يفهمها العالم، و أن نخرج من هذه اللغة الإنشائية و التقليدية و نقول أننا نحن سنضرب و نطرح. نحن ضحايا. لنلعب دور الضحية و نحن فعلاً ضحايا.

متحدث: تصديقاً لكلامك دكتورة، منذ شهر في أحد شوارع لندن الرئيسية مجموعة من الأطفال اليهود مجموعين في قفص يبكون و يوزعون منشورات. أنا أخذت أحد هذه المنشورات فوجدت أنه كتب بها “ساعدونا على استرجاع أموالنا و أملاكنا من العالم العربي” أظهرونا سارقون.

الدكتورة بثينة شعبان: يعني، إسرائيل و كل هذه القوة التي لديها يتباكون على السلام و أنهم يريدون سلام. و نحن للأسف كي أدلك على عدم القدرة على مخاطبة العالم. في الوقت، في رفح، الذي قتلوا فيه الكثير من الفلسطينيين و دمروا الكثير من المنازل يخرج أخ فلسطيني، طبعاً عن نية سليمة، يقول نحن لا يهمنا و سندمر إسرائيل و سنقاوم. يا أخي ليس هكذا يحكى. الذي يجب أن يحكى أن إسرائيل دمرت حياتنا و دمرت بيوتنا و اغتصبت ماءنا. و تركتنا بدون شيء. العب دور الضحية لأنك فعلاً أنت ضحية. رفح مدينة منكوبة.

ما أريد أن أقوله أننا نحن كعرب نحتاج إلى لغة جديدة و إلى إسلوب جديد و إلى آليات عمل جديدة. و نحن قادرون أن نوصل كلمة الحق إلى أصحابها.

الآن لن أتحدث عن أوروبا لأن أوروبا منفتحة أكثر بكثير من الولايات المتحدة الأمريكية. يعني، إذا كان العمل في الولايات المتحدة ممكن فإن العمل في أوروبا ممكن جداً. فقط أن نحاول، كما قلت، أن نكون شفافين و أن نعمل جميعنا في الإتجاه الصحيح. و أن ننشط أن نعمل كلنا سوياً، أنت تعمل من الشرق و أنا أعمل من الغرب، هذا ليس مشكلة، المهم أن نعمل كلنا بالاتجاه ذاته. و كلنا نعمل لتحقيق الهدف ذاته و هو وجود عربي عزيز مكرّم في أرضه و في المغترب. هذا هو هدفنا و هذا ما يجب أن نعمل عليه.

لقد نجح جيم موران لأننا كل المنظمات الذين لم يتحدثوا مع بعضهم بعمرهم اتصلوا مع بعضهم و كل شخص يقول للآخر ادعم جيم موران. بأي طريقة تستطيع أن تدعم جيم موران ادعمه. و بالمحصلة نجح جيم موران. و هذه سابقة بالمحصلة هامة جداً. إنها المرة الوحيدة في الولايات المتحدة العرب يهزمون مرشح AIPAC   و أنا أدرك بضميري الداخلي أنّ هزيمة  AIPAC   في الولايات المتحدة غير صعبة على الإطلاق. و أنا سأقول لكم لماذا. لأن الأمريكيين أنفسهم يقرفون الإستغلال الصهيوني لهم و لسياستهم و لتقتيل أولادهم و بضميرهم كلهم يعرفون أن وراء هذه القصة كلها هو الموساد الإسرائيلي. من أحداث الحادي عشر و كله وراءه الموساد الإسرائيلي.

البارحة كنت سأذهب للمطار و مررت أشتري غرض صغير. صاحبة المحل قلت لها أنني أريد أن أكون مرتاحة لأنني أعمل أربع عشرة ساعة في اليوم. قالت لي ماذا تعملين. قلت لها أعمل في الحكومة، عمل حكومي. قالت لي أي حكومة. قلت لها سوريا. قالت لي و الله لم أرى بعمري أحداً من سوريا. و الآن هم تحدثوا عن سوريا أنهم يعملون لكم عقوبات أو شيء من هذا القبيل. قلت لها نعم. قالت لي ماذا يفكرون السوريين برئيسنا. قلت ول و أشرت هكذا. قالت لي نحن نفكر نفس الشيء. قالت لي أنا يهودية و نحن نفكر برئيسنا نفس الشيء. و الذي يقودوه نحن ضده. هذه إمراة في محل يهودية بقلب واترغيت في واشنطن. هذا مقياس يدلك على أن الأمريكيين ليسوا أغبياء و يرون ماذا يحدث لهم. هم يرون أن أولادهم يقتلون و هم دخلوا في ورطة كبيرة. و لكن نحن أيضاً يجب أن نفهم قضيتنا. مهما كان معنا حق إذا لم نفهم قضيتنا فإنها لن تنجح. يجب أن نسوق أنفسنا. نحن كنا نعيش في الوهم أنه طالما معنا الحق فإننا سننتصر. لن ينتصر الحق لوحده. الحق يحتاج محامين جيدين حتى ينتصر و يحتاج للغة مختلفة عن اللغة التي نتحدث بها. و يحتاج شفافية و صدق.

و في هذه الأمور أرى في المغتربين الرواد لهذه الحركة العربية، الحقيقة. أنتم أقدر الناس على قيادة حركة عربية تعتز بالهوية، تعتز بالوطن و تخاطب الآخرين باللغة السليمة القويمة التي تدافع عن الوطن. نحن نقوى بكم كثيراً. حقيقةً  نحن في الوطن نقوى بكم كثيراً، و هذا لا يعني أنه ليس جزءً هاماً من وزارة المغتربين هدفه خدمتكم و تسهيل علاقتكم مع الوطن و البحث في كل التفاصيل التي تريدون البحث فيها.

أنا عندما أقول ان المسؤول يجب أن يكون بالخدمة فأنا أول الناس أضع نفسي بالخدمة. أي شيء في هذه التفاصيل و علاقتنا بكم و بالوطن و هذه الصعوبات كل هذا مستعدين أن نفعل أقصى ما عندنا حتى تتحقق العلاقة التي نجد بها مصلحة مشتركة لنا و لكم.

في الحقيقة نحن في مرحلة يوجد بها مصلحة مشتركة بين المغتربين و بين الوطن. يوجد مصلحة كبيرة مشتركة لأنه عندما يقوى المغتربين فإن كلمتكم سوف تقوى. يعني، عندما تستطيع الجاليات العربية أن تخرج كونغرسمان أو كونغرسومان. و تصبح أقوى و محترمة أكثر في قلب الولايات المتحدة. و هم الآن يناقشون و يفاوضون من يمكن أن يدعموا. في اجتماع الـ ADC   الذي حضرته و الذي جمعوا به هذا المال، من قدم و خاطب الاجتماع؟ أنها زوجة كيري. إنها للمرة الأولى تأتي زوجة مرشح رئيس الجمهورية و تخاطب اجتماع الـ ADC  لأن العرب بدؤوا يكونون لنفسهم كيان في قلب الولايات المتحدة. إذا لم نكون لنفسنا كيان ما من أحد يأخذنا بعين الإعتبار.

نحن أول الناس من يجب أن نحترم أنفسنا و نحترم امكاناتنا كي يحترمنا الآخرون. أما أن تقولوا لي هذا المسؤول كذا و ذاك المسؤول كذا، و أي شيء تريدون أن تتحدثوا به نتحدث لكن دعونا نبدأ من أنفسنا. دعوا كل شخص منا يقول ماذا قدمت أنا و يركز على التقصير الذاتي قبل أن يركز على تقصير الآخرين. أكيد أنا معكم مئة بالمئة كما بدأت حديثي أنه يوجد تقصير كبير. لو لم يكن هناك تقصير كبير لماذا وصلنا إلى هنا أصلاً؟؟ لماذا يقتلوا أطفال فلسطين دون أن تضطر الولايات المتحدة أن تدين قتلهم لماذا؟؟ الآن ترون في الجرائد أن أربعون شخصاً قتلوا في العراق، عشرون في فلسطين، ليس مهم لديهم. و لكن مقتل أمريكي أو ايطالي هذا فظيع و هذا أمر لا يجوز أن يحدث.

الأطباء العراقيين كلهم يؤخذون رهائن الآن أو يقتلوا، أو يرسلوا خارج بلدانهم. لم يتحدث أحد عن رهائن عرب أما ثلاث طليان رهائن مشكلة كبيرة.

نحن يجب أن نعمل كرامة للمواطن الذي عندنا، يجب أن نعمل له كرامة في الغرب. يجب أن نفهمهم أن حياة العربي تساوي حياة الأجنبي، تساوي حياة الأمريكي، تساوي حياة الألماني و تساوي حياة كل إنسان. و لكن إن لم نستطع أن نعمل لنفسنا هذه المكانة فإن لا أحد يعملها لنا، نحن من يجب أن يعمل. و هذا يحتاج تعب و جهد و تضحية و تحتاج غيرية و تحتاج أن الشخص يركز على المنظور العام و ليس على الخاص. أن يسامح أحد ما و المسامح كريم. ستلاقي عشرون شخصاً يضعون لك عصي في العجلات لأن هذا المسار بمصالح الآخرين و أن لا تترك السباق لأنهم هم يريدونك أن تترك السباق. هم يريدون أن يخرجونك خارجاً لأنك تهدد مصالحهم. و هذه كلها عقبات نلاقيها بالطريق و نلاقيها اليوم.  و لكن نحن لدينا هدف كبير و لا يجب أن ندع التفاصيل تثنينا عن عملنا أو تدعنا لا نكمل المهمة.

في الحقيقة أنا الآن جداً سعيدة أن ألتقي بكم و مستعدة لأي سؤال و لأي محور و لكنني لا أستطيع أن لا أتحدث بالسياسة. و أنا أعتبر أن العمل السياسي أصبح عمل أساسي لنا جميعاً لان وجودنا السياسي أصبح مهدد. و إذا لم تكن الأوطان عزيزة لا يوجد أحد منا عزيز في الحقيقة. و لكن إذا كان الوطن عزيز فكلنا نكون أعزاء.  و لذلك أنا أرى أن عزتكم من عزة الوطن و عزة الوطن من عزتكم.

شكراً لكم

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى