محاضراتمحاضرات اغترابية

في حفل عشاء مع الجالية السورية في ألمانيا

المضيف: أول شيء نرحب بمعالي الوزيرة الدكتورة بثينة شعبان التي أسعدتنا بزيارتها إلى ألمانيا و خاصة إلى منطقتنا هنا. أهلاً و سهلاً بك. سوف أفتتح الإجتماع الجميل بقصيدة صغيرة كتبها رفيق لنا اسمها “أطفال الحجارة”.

إن تسألوني أنا في القدس عنواني               غنيـت فيهــا أناشــيدي و ألحاني

لكم رسمت على حيطانها صوراً                و كم نقشــت حروفاً فوق جدرانٍ

الله أكبر، الله أكبر مازالت تذكرني             إن القيامـــة و الأقصــى شــقيقانٍ

توحدوا بلســـان الضاد و التحمـت              كريمة المجد مع حيا، حيا لأمـاني

فيها تآخــت شعوب الأرض قاطبةً             و فـــوق فقراتهـــا أثـرى النبيــان

شـــردت منهــا ربيعـاً بعدما قتلوا               أهلي جميعـاً و أصحابـي و خلاني

فرحـت أبحـث عن مأوى يرجني                من التســـكع في حــارات عمـــانٍ

و هنـا سـأبقى شريداً دونما وطن                إذا لـــم أقاتــل لتحريــر أوطانــي

سيادة الوزيرة الدكتورة بثينة شعبان المحترمة إننا نشكرك لقبولك دعوتنا. إننا نؤمن أن الفكر و الثقافة ليس لها حدود و نؤمن أن العقل هو المشرع الأكبر و الأعلى. و من هنا و من هذا المنطلق نهديك كتابين يمثلان جزءاً من ثقافتنا السورية. ليس كي تزيدي ثقافتك و إنما (ضحك).

نرحب بالأخوين الدكتور علي عيد و بالدكتور شهناز الألوسي. و نعرفك على الشباب الموجودين و هم سوريين، لبنانيين، أردنيين. نعرفك على الدكتور وليد ديب رئيس النادي السوري لأنه يوجد عدة نوادي. و على الأستاذ محمود رئيس النادي اللبناني.

الدكتورة بثينة شعبان:  سوف لن أؤخركم كثيراً لأن الطعام جاهز. هو يقول لي سوف أهديك هذين الكتابين حتى لا تزيدي ثقافتك، و هما سيزيدان ثقافتي في الحقيقة. الفكر القومي السوري هو الفكر الذي نحتاجه بإلحاح، الحقيقة، و هو الفكر الذي يمثّل الحل لمشاكلنا و لما تتعرض له أمتنا. و كما رأيتم البارحة أغتالوا الأستاذ الدكتور الرنتيسي. و الرنتيسي هجّر من بلده و أرضه عام 1948، و قد بقي في الضفة الغربية يناضل من أجل أرضه. و قد استشهد ابنه أيصاً. و أبنه خريج جامعة في اسكوتلاند و قد كان من خيرة القراء و المتتبعين و المبرزين في الجامعة. و كان مع طالبين من طلابي و قالوا لي أنه يخشى من النسمة و قتل لأنه إرهابي. و استشهد على أنه إرهابي. و ها هو الأستاذ الدكتور عبد العزيز الرنتيسي استشهد لأنه يريد تحرير أرضه، و كل ذنبه لأنه يقاوم وأنه يرفض الذل و يرفض الاحتلال. و لكن للأسف و قد كنت لمدة ساعتين أراقب التلفزيونات الصمت العربي هو صمت معيب في الحقيقة في هذه الحالة. نحن نقتل و كما قالت الدكتورة المدام  في الحقيقة نحن نقتل و نصمت صمت القبور و يستشهد أولادنا و أبناءنا. صحيح أن هذه الأمة لن تهزم، و صحيح أن هذه الأمة سوف تقاوم و لكن قتل القادة و خيرة هذه الامة يؤخرنا عقود أيضاً. كم من العقود نحتاج كي نحصل على مقاوم و بطل مثل الرنتيسي. هم يعرفون ماذا يعملون. و من ناحية أخرى كنت أراقب كيف أن الشباب الأوربي و الألماني يتطلع إلى أولمبياد 2004 و نحن كعرب فقط يفكرون أن الفلسطينيين لديهم دواء و غذاء و كأننا من جنس تحت جنس البشر. و كأننا نحتاج إلى غذاء و ماء و دواء. و كأنه لا يوجد لدى أطفالنا و شبابنا و شاباتنا أن يزدهروا و أن يدرسوا و أن يتزوجوا. و أن ينافسوا في مجالات العلم و في مجالات الإبداع و مجالات الفكر. هناك تصنيف لنا للعرب و كأننا تحت صنف البشر و كأننا من صنف لا يليق، الحقيقة، بالإنسانية. و في الوقت الذي تتضافر فيه المؤامرات ضدنا يجب أن نعترف أن المسؤولية هي مسؤوليتنا أولاً و أخيراً. و أننا ما لم ننتصر لأنفسنا لن ينتصر أحد لنا. و ما لم نعيد الاعتبار لكرامتنا لن يفكر أحد أن يكرمنا. و لا شك أن الخطوة الأولى لانتصارنا و لقوتنا هي وحدتنا. و الخطوة الأولى هي أن نفكر أننا جميعاً في قارب واحد و أن ما يصيبنا يصيب الآخر عاجلاً أو آجلاً. و لذلك الخطوة الأولى التي يجب أن نفكر بها هي أن نرتقي فوق كل الحساسيات و فوق كل الخلافات لأنه لن تقم لنا قائمة إذا استمروا بالتعامل معنا بهذه الطريقة.

و مهما فكر إنسان بأنه محصن لأنه في موقع ما، أو لأنه يمتلك شيء ما فأنا أقول لكم لا يوجد أحد محن إذا لم يكن الوطن محصناً. الحصانة الوحيدة لنا هي حصانة الأوطان، و العزة الوحيدة لنا هي عزة الأوطان. هذا هو الخلاص الوحيد، و أصبح من الضرورة بمكان أن نفكر بهذه الطريقة.

و الحقيقة، أنا معروفة بأنني أذهب إلى لبنان كثيراً و أتحدث كثيراً و أحب كل البلدان العربية و لكن بسبب القرب من لبنان و الأصدقاء أحدهم بدأ يمازحني و يقول لبنان و سوريا، قلت له إذا لا تقبلون أن تكون لبنان تابعة لسوريا نحن نقبل أن تكون سوريا تابعة للبنان. المهم أن نكون مع بعض، المهم أن نكون سوياً. لبنان، الأردن، سوريا، فلسطين المهم أن نحب بعضنا البعض، المهم أن نكون سوياً. المهم أن نشعر بمشاعر بعضنا البعض و نحب و نؤيد بعضنا البعض.

طبعاً أمتنا تمر بمرحلة قاسية جداً وأنه لا يوجد هذا الحس الرسمي العالي في أمتنا العربية، و يوجد هذا التشرذم. في الحقيقة أنا كعربية أشعر أنهم يضحكون علينا، و يضحكون على عقولنا في الحقيقة. أن تحدث إلى فلان أو اتصل به فلان. أنا كنت في محادثات السلام عشر سنوات هل تصدقون أن الوفد المفاوض الأمريكي يقول لوفد مفاوض أنك إذا قبلت أن تتنازل عن هذه النقطة فإننا نضمن لك مكالمة هاتفية مع الرئيس كلينتون!! هل رأيتم ثمن المكالمة الهاتفية؟؟ أن يتنازل أحد عن حق، هذا هو ثمن المكالمة الهاتفية. و هم لا يجرؤون على الحديث مع الوفد السوري بهذه الطريقة. فلذلك أقول أن التآمر على أمتنا و على حقوقنا هو تآمر كبير و ما نحتاجه اليوم منكم هو الفكر أولاً لأن هذه الأمة اليوم هي بحاجة إلى فكر قبل كل شيء و إلى استراتيجيات واضحة و إلى رؤية واضحة. و أنا واثقة أن ملايين العرب مستعدون أن يسيروا وراء رؤية واضحة و استراتيجية واضحة تخدم القضية و استراتيجية شفافة لا غش فيها و لا فساد و لا تنازل.  و لكن نحتاج إلى هذه القيادة و إلى هذا الفكر. و أنا أتطلع إلى المغتربين و إلى العروبيين من العرب جميعاً لكي يأخذوا هذه المبادرة و لكي يخطّوا هذا الطريق. أنا في ذهني هذه الأمة مثلما كانت في مطلع العشرينيات من القرن الماضي بحاجة إلى مثقفين ثوريين يخطون الطريق. سيقبلون دفع الثمن. علينا دفع الثمن من أجل مستقبل أجيال هذه الأمة. و أختتم بالقول أن وزارة المغتربين في الجمهورية العربية السورية هي وزارة عربية و ليست وزارة سورية فقط. و نحن لجميع العرب و آمل من الله أن نعمل جميعاً مع جميع المغتربين العرب في كل مكان، و أن يشكل المغتربين العرب بفكرهم و جهدهم منارةً لهذه الأمة لإنقاذها من هذه اللحظات الحرجة التي تتعرض لها. و شكراً لكم

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى