في مؤتمر الهجرة والوقائع الدينية في زمن العولمة – المغرب العربي
د. بثينة شعبان
6 كانون الأول 2005
أود أن أعطي نقطتين عن الورقة التي استلمناها حول موضوع هذا المؤتمر ثم أنتقل إلى المداخلة التي أود أن أضعها.
لدينا مكتب لمنظمة الهجرة وأنا في وزارة المغتربين نتعاون مع هذا المكتب ونحن نتحدث باعتبارنا جميعاً طرف واحد وزارة مغتربين ومنظمة الهجرة. في هذا المؤتمر نحن طرف واحد لأننا نريد أن نبحث ما هي التحديات التي تواجه عالم الهجرة وما هي الحلول ومن هذا المنطلق سوف أتكلم.
تقول الورقة المقدمة إلينا أن الدراسات السابقة قد أهملت دور الدين في الهجرة وأنه حان الوقت أن نهتم بدور الدين وأنا أقول أن الدين في الماضي كان اقل أهمية في موضوع الهجرة وكانت الثقافة هي الأكثر أهمية وان التمييز الديني ضدّ المهاجرين هو موضوع حديثي. تنطلق الورقة المقدمة إلى هذا المؤتمر أن المهاجرون قادمون من مجتمعات فيها دين واحد ولذلك هم غير معتادين على التنوع الديني وأن البلدان المضيفة لديها صعوبة في استيعاب هؤلاء المهاجرين وفي ….. كيفية التعددية وأنا أقول كامرأة عربية قادمة من سورية أن المهاجرين سواء من سورية أو لبنان أو بلد عربي أو مسلم معتادين على التنوع الديني منذ الأندلس وإلى الآن في سورية يوجد أقدم كنيس يهودي في العالم، توجد أقدم الكنائس والجوامع في العالم ونحن مجتمعات معتادة جداً على العيش المشترك وعلى التنوع الديني ولكن الغرب غير معتاد على هذا التنوع وظاهرة الإسلام في الغرب هي ظاهرة حديثة وعلى الغرب أن يتفهم أنه عليه أن يعيش تنوعاً دينياً وأن المشاكل التي يعاني منها المهاجرون في الغرب مع معظمها تنبع من هؤلاء المهاجرين المسلمين في أماكن معينة وعدم التفاعل بينهم وبين المجتمع الذي ذهبوا إليه وهذه التجمعات هي التي تخلق المشاكل ويبدأ المهاجرون بالارتداد أكثر إلى انتمائهم الديني، ينما لو خلق التفاعل لما ارتد المهاجرون إلى انتمائهم الديني وإلى عاداتهم الدينية. وأريد أن أضرب مثلاً على ذلك منذ قرنين والمهاجرون العرب يهاجرون إلى دول أمريكا الجنوبية في البرازيل والأرجنتين وتشيلي وكل دول أمريكا الجنوبية. لا توجد الآن أي مشكلة دينية مع المهاجرين العرب حين ذهبوا على أمريكا الجنوبية: افتتحوا المدارس والنوادي وبنوا المشافي وأخذوا من ثقافتهم الروحية وتفاعلوا مع الثقافة الموجودة والآن أمريكا الجنوبية هي مزيج من الثقافة الروحية العربية المسلمة المسيحية مع ثقافة السكان الأصليين
المشفى السوري- اللبناني هو المشفى الوحيد في العالم الذي يعالج المرض ليس فقط فيزيائياً بل وروحياً أيضاً فهو أنشئ من قبل نساء لبنانيات – سوريات عام 1920أرادوا أن تقوم فلسفة هذا المشفى على فكرة العلاج الروحي والفيزيائي. لا يشعر العرب في أمريكا الجنوبية أنهم مهاجرون أو قادمون بل يشعرون أنهم جزء من البلاد وأنهم شركاء في بناء هذه البلاد.
العامل الحديث في موضوع الهجرة و الدين و الأكثر تأثيراً برأيي هو بدأ بعد أحداث الحادي عشر من أيلول وبعد انتشار الأعمال الإرهابية في العالم و الخطورة في هذا الموضوع هو أنه بعد أحداث الحادي عشر من أيلول بدأت تُستخدم لغةٌ و تُسن قوانين و تبدو تصرفات وكأن المسلمين إرهابيون واخترعوا مصطلح ( الإرهاب الإسلامي) وهو بحد ذاته مصطلح عنصري لأنه لا يوجد إرهاب إسلامي وقد قرأت منذ يومين أن قتلى حوادث السير في العالم الغربي تساوي 400 مرة من قتلوا في الحوادث الإرهابية، فهل نشن حرباً على حوادث السير ونتوقف عن استخدام الطائرات والسيارات إلى أن نضمن عدم وجود أي حادث. إنّ الإدعاء بوجود حرب على الإرهاب و الإدعاء بمحاولة تحقيق النصر على الإرهاب هو بحد ذاته مثيل بالإدعاء بالانتصار على حوادث السير خاصة إذا أريد لهذه الحرب ان تكون من قبل دين ضدّ دين آخر ومن قبل أتباع دين ضدّ أتباع دين آخر، هنا تكمن الخطورة في الموضوع، هناك ملايين المسلمين الذين يناضلون ضدّ الإرهاب يومياً، ما هو الإرهاب؟ الإرهاب هو جريمة ضدّ الإنسانية ولا يوجد فرق بين من فجّر الفنادق في الأردن وقتل مصطفى العقاد وآخرين وبين من فجّر بناءً وقتل أطفالاً في مدينة أوكلاهوما الأمريكية. كلاهما إرهاب فلماذا نسمي هذا إرهاباً ولا نسمي ذلك إرهاباً.
الإرهاب هو جريمة ضدّ أناس مدنيين أبرياء يقف المسلمون والمسيحيون واليهود الطبيعيون والمؤمنون ضدّ هذه الجريمة، هذه هي المقاربة الحقيقة للإرهاب وهذا ما يجب ن نكون عليه جميعاً لا أن يصبح المسلمون في أوروبا وأمريكا مشكلةً لأن هناك إسلام إرهابي، لا يوجد إسلام إرهابي المسلمون في أمريكا وأوروبا أطباء وباحثون وعلماء ومهندسون وشركاء بشكل جميل في حضارة هذه البلدان وازدهارها وتقدمها. واللجوء إلى قوانين تميز ضدّ المسلمين وتأخذهم إلى معتقلات دون محاكمة، أصبحت عبارة “سجن المشتبه بهم عبارة مقبولة” هناك آلاف الناس مسجونون لأنهم مشتبه بهم، هل يُعقل أن يتحول العلام إلى سجن من هم مشتبه بهم وأين هي سيادة القانون أيضاً وأين هي العدالة؟.
ما أريد قوله أن هناك مشكلة لدى البلدان المضيفة فلا يوجد من يقول قتل بريطاني يهودي اليوم فلماذا يقولون قتل مسلم بريطاني اليوم؟ لا يوجد من قال كان هناك إرهاب كاثوليكي في لندن من إيرلندا فلماذا يقولون عناك إرهاب إسلامي في لندن، كلاهما جريمة. غير مقبول التمييز ضدّ الإسلام والمسلمون بحجة أنهم إرهابيون، إن الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب يجب أن تقوم على تعاون المسلمين والمسيحين واليهود في كل أنحاء العالم ويجب ألا يكون هناك عرق أو دين مستثنى وأنا أقول لحضراتكم ن بوادر العنصرية بدأت تأخذ منحاً خطيراً فمنذ أيام في إيطاليا تعرض لاعبون مهمون ذوو سحنة داكنة إلى أقوال ومناشدات عنصرية في الملعب وكادوا يخرجوا من الملعب لأن التمييز ضدّ المسلمين بهذه الطريقة سوف يعطي دفعاً للشعور العنصري في العالم وعند ذاك لن يكون ضحابا هذا الشعور المسلمون فقط وإنما المسلمون والمسيحيون واليهود وللعالم تجربة مع بوادر العنصرية التي بدأت أيضاً بحجة مكافحة الإرهاب أيضاً في ألمانيا وانتهت بمقتل ملايين الناس. إذاً علينا جميعاً أن نتوقف عن هذه الاستراتيجية وأن نناضل ضدها وأن نعالج موضوع الهجرة من منطلق أن هؤلاء المهاجرين قادمون من ثقافة محترمة وبشعور تعددي ممتاز وبقدرات هائلة وأن تُفتح لهم المجالات لكي يكونوا جزءاً حقيقياً من نسيج المجتمعات التي قدموا إليها فلم يسمع العالم أن فتاةً تُمنع من دخول المدرسة لأنها ترتدي الحجاب، نحن في سورية ومنذ القرن السابع عشر كان المسلمون والمسيحيون يدخلون الجامع الأموي، المسلمون يذهبون إلى اليمين لأداء الصلاة والمسيحيون يذهبون إلى اليسار لأداء الصلاة. كلنا نؤمن بإله واحد ولا يجوز أن يكون مظهري سبباً للحكم عليّ بأني حضارية أو متخلفة. كان يمكن أن أكون مرتديةً الحجاب أمامكم الآن وأملك نفس العقل ونفس الفكر ونفس الرأي ولن يغير هذا شيئاً.
أشكركم وأتمنى أن نخرج من هذا المؤتمر بمقترحات حقيقية تقدم للعالم أفكاراً لتغيير استراتيجية الهجرة والدين ووضع استراتيجية تنظر للعالم جميعاً بالتساوي والكرامة الإنسانية والحقوق والواجبات.