في فندق الاستقبال لحظة وصول الدكتورة بثينة شعبان إلى الولايات المتحدة الأمريكية
د. بثينة شعبان
9 كانون الأول 2003
أريد أن أؤكد لكم أن كل ما تحدث به الدكتور عماد مصطفى هو من صفاته، و من صفاته أكثر من ذلك. و أنا، في الحقيقة، أعتز بزمالته و بصداقته و فكره و بحثه. فالدكتور عماد مصطفى أنا أصفه بأنه باحث. و أرقى شيء يمكن أن يتوصل إليه ذهن الإنسان هو الباحث. فالدكتور عماد مصطفى هو إنسان باحث، و من حسن حظ سورية أنه يمثلها. أود بكلمات قليلة أن أعبر عن سعادتي عن و جودي معكم هذا المساء. و الأستاذ نجاة فارس أنا سعيدة بوجودك، و لا أريد أن أسمي كل الناس. و أنا سعيدة بوجودهم جميعاً الحقيقة. و أريد أن أحيي الأخوة العرب لأنني أعتقد أن وزارة المغتربين هي للعرب و ليست فقط لسورية. و أنا قررت أن أقول أن وزارة المغتربين هي لبلاد الشام على الأقل، ثم نضمها إلى الأمة العربية.
و سألتني هناك ماذا تريدون أنتم من وزارة المغتربين؟؟ لماذا فكرتم بهذه الوزارة؟؟
فقلت لها في الحقيقة نحن نفكر في هذه الوزارة كفريق ذي اتجاهين: نريد أن نسهّل للأخوة المغتربين أي مشكلة لديهم مع البلد، أي أمر لديهم مع البلد. و بنفس الوقت نريد أن نستثمر في هذا الملقى الفكري الهائل الذهني و السياسي و العلمي لهؤلاء المغتربين لأننا نؤمن أن كل إنسان مغترب هو منتمي، و هو محب لوطنه، و هو يرغب بالتواصل مع هذا الوطن. و نحن في وزارة المغتربين نقدم جسراً لهذا التواصل انطلاقا من إيماننا أن مصلحتنا مشتركة. و انطلاقا من إيماننا أن لنا أهداف تخدم المغترب و تخدم الوطن. و لا نرى أي تناقض على الإطلاق بين كون المغترب مواطن مخلصاً في وطنه المتبنى, و بينه كمواطن منتمي لوطنه الأم. و يمكن أن يكون الأخوة المغتربون في كل مكان جسراً لعلاقات أفضل بين البلد الذي يعيشون فيه و بين وطنهم الأم سوريا.
و ينطبق هذا الأمر بشكل خاص على الولايات المتحدة. و جميعكم تعرفون علاقاتنا مع الولايات المتحدة. و أنا أرى أن إيقاظ همة سياسية في المغتربين. و نشاط المغتربين في البلد الذين يعيشون فيه لا يوفر رصيداً للوطن فقط، و إنما يوفر رصيداً لهم أيضاً. لأننا اليوم في الأمة العربية بشكل عام نحن نعاني من مشكلة، من أزمة هوية. و أنا أعتقد اعتقاد شخصي، و أرجو أن يكون اعتقادي مخطئاً، أن هويتنا مستهدفة. أن الوجود العربي مستهدف. و كلكم تعرفون تشرذم الواقع العربي. و أنا كتبت قبل الحرب على العراق في الهيرالد تريبيون و في جرائد أخرى أن المستهدف هو الهوية العراقية كرمز و كمهد للحضارة. و لم أفاجأ على الإطلاق أن أول ما سرق في العراق هو المتحف العراقي. و أن نينوى و بابل تسرق دون أي سجل ودون أن تكون، يعني، أن المأساة التي حدثت للمتحف هي بسيطة جداً مقارنةً مع المأساة التي تحدث اليوم، و هو نهب نينوى و بابل نهباً منتظماً مرسوماً و مدروساً.
و إذا أضفنا إلى هذا تدمير البيوت في نابلس، و تدمير الحضارة العربية في كل مكان. أول ما قصف في لبنان هو “المركز الثقافي للتراث الفلسطيني” في عام 1982. هذا أول ما قصفه شارون. و لذلك أعتقد أن الذين يحاولون أن يبحثوا عن هوية يريدون بناء هويتهم على أنقاض هويتنا. و أننا جميعاً في قارب واحد. و أننا جميعاً مهددون. و مشكلتنا أننا ننتظر يقتل الفلسطيني و العراقي و نقول.. و من ثم يصعدون الى السعودية و سورية السودان و ليبيا. و لكن الحقيقة أننا جميعاً مستهدفون. البارحة سألني أحدهم عن علاقاتنا مع لبنان في مجلس العلاقات في لوس أنجلس، فقلت له أنني علمت عندما قدمت الى الولايات المتحدة أن اقتصاد كاليفورنيا هو رابع اقتصاد في العالم، و هي جزء من الولايات المتحدة فلماذا تريدون أن تقسمونا الى أجزاء أصغر و أصغر و أصغر. و قرى صغيرة يطلقون عليها اسم دول. و أنا لا ألومهم لأن لديهم إستراتيجيتهم الخاصة بهم. لديهم أهدافهم، و لديهم مصالحهم و لديهم ما يريدون أن يفعلوه. و لكن نحن علينا أن نبلور استراتيجيتنا. و أعتقد أن أهم شيء في هذه الاستراتيجية هو أن نؤمن أننا جميعاً مهددون و أننا جميعاً في قارب واحد، و أن علينا أن نرسم استراتيجية لإنقاذ هذه الهوية لأنها أثمن شيء يمكن أن نورثها للأجيال القادمة و لأبناءنا و لأحفادنا.
و أنا شخصياً أتطلع لحضراتكم، و أنتم تمثلون قلّة مختارة من المغتربين، و ربما أميز المغتربين، أتطلع الى المغتربين أن يأخذوا بيد هذه الأمة، ليس فقط لكي ينشطوا بل لكي يأخذوا بيد هذه الأمة. و المثال الذي حدثني به الدكتور عماد مصطفى هو مثال ممتاز أن نرويه سوية و أن نتذكره سوية. قال لي أنه قدم الى هوستن، و أنه علم أنكم دعوتم عضو الكونغرس سانشيس، و علم أنها صوتت ضد قانون محاسبة سورية. فحين ذهب الى واشنطن و تحدث الى عضو الكونغرس و قال لها أنني كنت في هوستن. فقالت له هل تراهم غالباً. فقال لها نعم أنا أتواصل معهم باستمرار و أنا أراهم غالباً. فذهبت الى الموقف و سجلت موقفاً أنها صوتت لصالح القانون، و لكنها تعتقد أن هذا القانون ضار و أنه غير جيد، و الى آخره.
لكي تسترضي السفير لأنه على صلة بالجالية. أي أنه حتى حسبت حساباً لهذه الجالية، أن هذه الجالية يمكن أن تتحرك لأنها صوتت ضد قانون محاسبة سورية و هي لا تريد أن تخسر الجالية. و هذه ميزة لنشاط الجالية. و أنا أعلم تماماً أنه كلما نشطنا أكثر، و كلما رفعنا أصواتنا أكثر , بفريق دبلوماسي طبعاً، و كلما أوضحنا رؤيتنا و استراتيجيتنا أكثر كلما احترمنا الآخرون أكثر.
الأمة العربية، الحقيقة، في حالة صعبة و لا تستطيع أن تقدم لنا هذا المرشد. و أنا آمل أننا خلال عام أو عامين سوف يقدم المغتربون في جميع أنحاء العالم مرشداً و دليلاً لهذه الأمة. و هم قادرون على هذا.
و أنا أنقل لكم من دمشق محبّة الرئيس بشار الأسد. و لا شرط على أي مغترب سوى الانتماء و المحبة. و أنا قلت العام الماضي، منذ عامين حين أتينا هنا، أنه في الأسرة الواحدة تحدث خلافات و متناقضات و ربما مشادات، و لكن تبقى الأسرة أسرة واحدة. و حتى إن كان لنا أي مشكلة مع أي منا فتأكدوا أنه ليس الوطن هو من يجب أن يلام هناك أشخاص يجب أن يلاموا. و الوطن يجب أن يبقى عزيزاً قبل كل شيء.
شكراً لكم