محاضراتمحاضرات اغترابية

في التحضير للمجلس الاغترابي المؤقت  في أوروبا – ألمانيا

 23 – نيسان – 2004

شكراً جزيلاً لكم، أرى صوت النساء أقوى من صوت الرجال، لماذا لا أعرف!! (ضحك)

أهلاً و مرحباً بكم و أرحب بشكل خاص بكل ضيوف الشرف الذين أتوا من أمريكا الجنوبية لكي يؤكدوا حضورهم لهذا المؤتمر و يؤكدوا دعمهم لما نريد القيام به..

دعوني أبدأ بالقول أن الطريق الذي يخطّه أعداءنا لمحاربتنا هو أن يمنعونا أن نحب بعضنا و أن نعمل مع بعضنا، فقد أكتشفوا أن هذه الأمة تمتلك من الحضارة و التاريخ و المعرفة و ما قدمته للبشرية كنوزاً لا يمكن لأحدٍ في الكون أن يتجاهلها. و يسعدني القول أنه حينما هاجم أحد العاملين في الـ BBC العرب انبرت أقلامٌ كثيرة لتدافع عمّا قدّمه العرب للبشرية. و منذ يومين فقط كنّا في هذه القاعة و كان هناك باحث ألماني يرينا على الشاشة ما اكتشفه في بقعةٍ صغيرةٍ في سوريا جعلني أشعر بالفخر أنني أنتمي إلى هذه الأمة العريقة و لكنه جعلني أشعر بالتصميم أيضاً أن نستحق هذا الانتماء. و كي نستحق هذا الانتماء علينا أن  نعمل بطريقةً مختلفة. و أنا يجب أن أكون معكم صريحةً جداً لأنه لا يمكن أن تقطعوا كل هذه المسافات لكي نتحدث كلاماً بروتوكوليلاً لا قيمة له.

أول مرضٍ نعاني منه جميعاً هو أننا لا نمتلك المنظور الجماعي، ليس فقط كمغتربين و إنما في كل بلدٍ عربيٍ أيضاً. و كما تعرفون أنا أكتب زاويةً كل اسبوع و قد كتبت اليوم زاويةً عن أنني حيثما توجهّت في الولايات المتحدة أو في أوروبا كوزيرةً عربية، يخاطبني المسؤولون بالقول أنتم العرب و المسلمون، لم يخاطبني أحد أبداً كسورية، إلا حينما أرادوا أن يقولوا أن سوريا بلد علماني أما البلدان الأخرى فلا يوجد فيها نفس النوع من الحرية الدينية أو لفكرية أو الخ.

و فكرت اليوم إذا كان الآخرون، جميع الأخرين، ينظرون إلينا كعربٍ، مسلمين و مسيحيين، و كمسلمين أيضاً فلماذا لا ننظر لبعضنا بهذه الطريقة؟؟!  لماذا لا ننظر إلى بعضنا ككلٍ واحدٍ، كهويةً واحدة. لي في ألمانيا خامس يوم أو سادس يوم لا أعرف (أحسست أنها دهر في الحقيقة) آه، إنها سبعة أيام في الحقيقة شعرت أن كل ما أقرأه في الإعلام العربي عمّا فعلت الأردن و ما فعلته قطر و ما أجابته الكويت و ما قررته المغرب، كلٌ كمن يغني في الطاحون، أي لا أحد يسمعه.

أما هنا في الغرب و في الولايات المتحدة أيضاً ينظرون إلينا كعرب ايضاً و لا يفرّقون بين عمر و زيد و فاطمة ايضاً.

إذاً أعتقد أن أول نقطةٍ يجب أن نتفق عليها كمغتربين هي أن نبدأ باستراتيجيةٍ للعمل مختلفةٍ تماماً عن الاستراتيجيات التي أثبتت فشلها في العالم العربي. الاستراتيجيات التي نريد أن نبدأ بها هي أننا أصحاب قضية، و أن القضية هي أهم من كل واحدٍ منّا. و أننا سوف نتحدث مع بعضنا بصدقٍ و شفافيةٍ و إخلاص. و أننا سوف نصارح بعضنا بكل ما نشعر به و بكل ما يعتمل بضمائرنا. و اعتقد أن هذا شرطٌ أساسي لنجاح العمل. و صدقوني أن جماهيرنا العربية في مكان لا تنتظر منّا أقلُّ من ذلك. و اريد أن أطمئنكم أن الوعي الشعبي العربي ينتظر من جميع الدول العربية أن تفعل ذلك، و من كل مؤسسةٍ عربية إغترابية أو غير إغترابية ان تفعل ذلك.

و النقطة الثانية التي يجب أن نركّز عليها هي أننا ليس لدينا الكثير من الوقت؛ أولاً بسبب الظروف الصعبة التي نمرُّ بها جميعاً و ثانيا بسبب آليات العمل التي يجب أن نضعها و نعمل عليها و أهمها هي تأسيس الإتصال مع الجيل الثاني و الثالث. حين ألتقي بكم من السهل أن نعمل سوياً لأن الكثيرين منكم عاشوا في بلادهم و يعرفون طعم الحياة هناك و يتحمسون لكل قضية. أما أبناءكم و بناتكم فلدينا معركةً أخرى علينا أن نخوضها معهم لتشجيعهم على الانتماء و على التحدث بلغتهم و على أن نجعلهم يشعرون بالفخر بالانتماء إلى هذه الأمة. و علينا أن نتدارس جميعاً كيفية التواصل معهم و كيفية زجّهم في صفوف مؤسساتنا الاغترابية.

و الأمر الثالث، كما قلت، هو أنني أتطلع للعمل الاغترابي كمنارةٍ ليس فقط للإستثمار المادي في البلدان العربية، و الذي قد يجده الكثيرون صعباً لأسبابٍ كثيرة، و إنما لتغيير المناخ و الظروف هناك بحيث يصبح العمل لكلٍ منكم ممكناً.

حين أستمع إليكم و أنتم تعرفّون بأنفسكم أجد أن كلٍ منكم هو ثروةً بحد ذاته. و السبب في أننا لم نتمكن من استثمار هذه الثروات هو أننا لم نؤسس لعملٍ جماعي و مؤسساتي. و أعتقد أن هذا هو الهدف الأساسي لهذا الإجتماع و هو أن نؤسس لعملٍ جماعي و مؤسساتي يذوب الجميع به. و حين يثمر عملنا سوف نكون جميعاً زعماء. أما إذا بقينا متفرقين بهذه الطريقة فلن يحترمنا أحد. و أنا برأيي لا فرق بين من يملك الملايين و بين من لا يملك شيئاً في هذا الصدد. لأن المهم هو الكرامة. و الكرامة إذا لم نعمل من أجلها و من أجل تحقيقها فلا يمكن أن ندّعيها. إذا سألتم أنفسكم لماذا تكبّل إسرائيل و يكبّل الأمريكيون كل معتقل هكذا و يضعون الأكياس البلاستيكية فوق رؤوسهم. إذا كان الإنسان أسيراً فلماذا نكبّله و نضع كيساً فوق رأسه. أنا أقول لكم لماذا. لكي يشعر كلٌ منا بالذل. و صدّقوني أنا حين أرى كلّ طفلٍ أو مختطف أو أسيرٍ يهان في فلسطين أو في العراق أو في لبنان أو في الجولان. و ما لم نفكّر بهذه الطريقة و أن نعمّل بهذه الطريقة فلن نتمكن من تحقيق ذاتنا على مستوى العالم.

لا يوجد هناك شيء نختلف عليه، يوجد كل شيء نتفق عليه. حينما أتحدّث مع الرسميين، و حينما تحدّثت مع الرسميين هنا في ألمانيا، و دائماً حديثي الأول يبدأ بفلسطين الجريحة، كلّهم يقولون لي لم يتفق الفلسطينيون مع بعضهم و لم يتفق الفلسطينيون عمّا يجب أن يحققوه في غزة أو في الضفة أو الخ. طبعاً أنا أفهم أنّ هذه كذبة و ذريعة لتبرير ما يريدون أن يقومون به. و لكنني أقول أنه أصبح من الضرورة بمكان أن نتوجّه للعالم بصوت واحد، و أن نشعر العالم بأننا كلٌ واحد مهما كانت الخلافات بيننا. دعونا نناقش أي خلاف بيننا تحت سقف الاجتماع، و سواء اتفقنا أم لم نتفق نخرج من الاجتماع متفقين. و نضع بقية النقاط من الخلاف على جدول الأعمال و نناقشها و نستمر في النقاش. و إذا كان المنظور وطنياً فلا بدّ أننا سوف نتفق. و أنا أعتقد أنّ هذه هي الطريقة التي يعمل الغرب بها، و انتم أعلم مني بذلك فكلكم مغتربون، فهم لم يولدوا أفضل منّا، و لم تخلق مؤسساتهم من الفراغ. و لكنهم يعملون ليلاً نهاراً لمواجهة المشاكل التي تواجههم، و يعملون ليلاً نهاراً لتوحيد صوتهم و توحيد آرائهم. لأنهم يعلمون ما لم يفعلوا ذلك فلم يكونوا مؤثرين. نحن نريد في العمل الاغترابي أن نكون مؤثرين. و نريد أن نكون كلً واحد لا فرق بيننا.

أريد أن ابدأ العمل الاغترابي على مستوى أوروبا، و أبدأ أقول لكم ما بذهني. ما بذهني هو أولاً أن نتعارف، و هذا أمرٌ هام، و أن نلتقي و أن نتحدث و أن نقرر أننا نريد ربما أن نشكل لجنةً تحضيريةَ للتحضير لمجلس اغترابي على مستوى أوروبا يشكّل من روابط أوروبا بالتعاون مع وزارة المغتربين تمهيداً لمؤتمر الصيف الذي أكرمنا السيد الرئيس بشار الأسد برعايته تقديراً منه لدور المغتربين و لأهمتهم. و  هذا المؤتمر سوف يكون في الإسبوع الثالث من آب. و هذه اللجنة التحضيرية تناقش وضع آليات عمل لتنسيق الجهود الاغترابية على مستوى أوروبا بين الروابط الاغترابية. لا توجد لدي صيغةٌ جاهزة و لكننا كما قلت إذا وضعنا المنظور الوطني أولاً و منظور العمل ثانياً، و إذا وضعنا بالحسبان أن كل عمل يجب أن نموّله نحن، يعني لا يوجد عمل بالكلام، و أعتقد أنه أن أحد أسباب الفشل في العمل العربي هو أنهم يجتمعون و يقررون إنشاء فضائية عربية باللغة الإنكليزية كما قرر السادة وزراء الإعلام منذ سنتين تخاطب الغرب باللغة الإنكليزية و تشرح للغرب القضايا العربية بلغتهم، و لكن أحداً لم يدفع شيئاً. و طبعاً الفضائية لا تستطيع أن تنشئ نفسها بنفسها دون تمويل.

إذاً علينا أن نقرّر أن عملنا يحتاج إلى تمويل و إلى شفافية و إلى مصداقية، و أن نعمل كما تعملون في مهنكم في أوروبا، بالطريقة ذاتها أي بطريقة علمية و واضحة. و أنا أعتقد أن هذا كله ممكن. هذه هي الفكرة الأولى التي أريد أن أقولها. وأحد أهداف هذا المجلس كما قلت أن يكون نواة التحضير في أوروبا لمؤتمر الصيف لإنشاء مجلس اغترابي سوري عالمي. و أنا طموحاتي كبيرة، أتمنى أن يكون السيد الرئيس هو رئيسه الفخري. أتمنى أن يكون مجلس اغترابي سوري عالي المستوى. و ثانياً أن يكون هذا المجلس الاغترابي الاوروبي أداةً سياسيةً إعلامية لإبراز أوجه الحقائق و لإبراز الصورة الحقيقية لما يجري في منطقة الشرق الأوسط. أي أن تكون الروابط الاغترابية هي الجسر الحقيقي لإيضاح ما يجري في الشرق الاوسط. و ثالثاً أن يكون هذا المجلس أداةً حقيقيةً و مرنة لتنسيق الجهود بين كل الروابط الاغترابية و التغلب على كل المشاكل التي تعترضُ أي رابطةٍ منها. و أنا أعتقد أننا إذا عملنا بهذا الشكل المؤسساتي سوف تصغرُ مواطن الخلل التي نراها الآن كبيرة. سوف نراها صغيرةً جداً و سوف يصبح من الممكن لنا جميعاً أن نتغلب عليها.

أرغب أولاً أن أفتح باب الحوار و أرجو من كل واحد منكم أن تكون المناقشات قصيرة سواء لإنشاء مجلس اغترابي مؤقت، و حين أقول مؤقت أي ليس أكثر من ثلاثة أشهر، وربما نعقد اجتماع آخر إما في الصيف على هامش المؤتمر الاغترابي الكبير أو نتفق على صيغةٍ أخرى كي يتم انتخاب مجلس انتخابي دائم على مستوى أوروبا، و لكن هذا يحتاج تسوية كل الأوضاع التي تحتاج إلى تسوية في بعض روابطنا. و هذا أمر هام جداً أن نسوي الأوضاع. أنا متفائلة لأنه لا يوجد شيء نختلف عليه على الإطلاق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى