محاضراتمحاضرات في السياسة

في لقاء مع السفراء العرب في بوخارست – رومانيا

5 آذار 2005

 المضيف:

أرحّب بسيادة الوزيرة بثينة شعبان، وزيرة المغتربين، في بيتها الثاني في بوخارست، و أرحب أيضا ً بالسادة السفراء و رؤساء البعثات العربية المعتمدة في رومانيا.  و يسعدني و يشرفني أن نحظى بحضورهم اليوم بلقاء السيدة الوزيرة. السيدة الوزيرة عزيزة، وهي رمز و مثال للمرأة العربية المثقفة النشيطة، التي تثبت أن لها باعاً كبيراً في نشر الثقافة العربية و صورة المرأة العربية أينما كانت و خاصة ً أن لها معزة و مقام مميز في سوريا و لدى جميع أفراد الشعب السوري. فيسرنا جدا ً أن نلتقي بها في هذه الأمسية لنستفيد و نطلع و نطلعها أيضا ً على أحوال العروبة في هذا البلد الصديق. و كما أننا نتطلع بدورنا أن تطلعنا على آخر المستجدات المطروحة على الساحة العربية و شكرا ً.

الدكتورة بثينة شعبان: أولا ً أريد أن أشكركم جميعا ً على قدومكم وحضوركم هنا، و خصوصاً الأخ و الصديق الأستاذ بشارة الذي تربطني به صداقة قديمة، و نحن رفاق درب طويل ايضا ً. و أشعر الحقيقة أنكم جميعا ً سفراء بلدي و أن العروبة هي بلدي. و هذا ما أشعر به من صميم قلبي , اشعر أنني في هذا الوقت بالذات و أكثر من أي وقت مضى نحن جميعا ً ليس في قارب واحد  و إنما في موقف واحد، الحقيقة، و في نقطة واحدة لأننا جميعا ً مستهدفون.

أنا أتذكر أنني منذ الأشهر الأولى لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية المباركة كتبتُ في زاويتي الأسبوعية أن على العرب جميعا ً أن يهبّوا على الدفاع في نصرة الفلسطينيين لأن الفلسطينيين يقفون في خط الدفاع الأول عن هذه الأمة! و أن كل شهيد فلسطيني هو شهيد العروبة و ليس شهيد فلسطين فقط! و هاهي الأحداث تري أننا نستهدف الواحد تلو الآخر. و أن الهدف الأول و الأخير برأيي هو عروبتنا. و أن هذه الأمة العريقة ذات الماضي المجيد، ذات الإسهامات المجيدة هي محط حقد ومخطط صهيوني يريد الاستيلاء على أرضنا و على منطقتنا و على مياهنا.

 كعربية سأتكلم معكم بغاية الشفافية، أي نتكلم كأهل هنا. أشعر أننا كعرب مثل الذي لديه جوهرة و لا يعرف قيمتها الحقيقة، فبلداننا أجمل البلدان، وخيراتنا أفضل الخيرات، وأرضنا أخير الأرض، و مع كلّ ذلك نحن لا نليق بما لدينا للأسف. و أرى في العراق مثالا ً صارخا ً لما نقترفه بحق هذه الأمة. يعني بلد من أجمل البلدان و أغنى البلدان و مهد الحضارات، للأسف عاش أبناءه بفقر شديد و بظلم شديد إلى أن سلم إلى الاستعمار و إلى الاحتلال. و الآن تنهب ثرواته و تنهب مقدراته و ينهب تاريخه و كتبه. يعني في مكتبة البصرى التي حرقت النسخة الوحيدة من القرآن الكريم مكتوبة بخط علي بن أبي طالب كرم الله وجهه! النسخة الوحيدة في الكون، يعني تكفي هذه الخسارة! يكفي ما سرق من متحف بغداد. و الحقيقة قرأت مقالات في جريدتي الهيرالد تريبيون و الايكونوميست مقالات يقولون أن ما سرق من متحف بغداد لا يساوي شيئا ً مقابل ما ينهب الآن من بابل و نينوى لأن على الأقلّ القطعة التي كانت موجودة في متحف بغداد هي قطع مسجّلة. و أنا قرأت هذا من قبل كتاب أميركان. أما في بابل و نينوى فتحفر الأرض و تؤخذ و لا أحد يعلم ما يؤخذ من آثار العراق، و من حضارة العراق، و من أرض العراق.

أجريت اليوم لقاءً مع معاون وزير الخارجية الروماني، و كان معي سعادة السفير فقلتُ له، و هذه رسالة أنقلها الى كل إنسان كاتب أو مفكر أو سياسي أجنبي، و نقلتها مؤخرا ً إلى كل الوفود التي التقيتها من استراليا الى كل مكان أقول لهم إن ما يجري في الأراضي العربية المحتلة هو آخر حرب تتعرض لها الإنسانية، و هو تطهير عرقي متعمّد يصمت العالم عنه! و أنا أعتقد أنه علينا أن ندقّ ناقوس الخطر و أن نشعر العالم بما يجري لأبنائنا و بما يجري لأهلنا. قرأتُ اليوم بجريدة إنكليزية شيء لا يصدق من ناحية الطريقة التي تصاغ بها الأخبار! وضعوا عنوانا للخبر “قتل واحد يشتبه أنه مطلوب و قتل معه واحد آخر بالصواريخ الإسرائيلية”! وكأنه أمر طبيعي أن يحكم بالإعدام على أناس يشتبه أن لديهم نيّة لفعل شيء  ما!

علينا كعرب أن نغيّر اللغة التي نتحدث بها، وأن  نتوجه الى العالم بخطاب مختلف. مع كل اعتزازنا بصمود المقاومة الفلسطينية  و بتضحية الفلسطينيين، لكن علينا أن نقول للعالم أن شعبنا يعاني من حرب إبادة، أن شعبنا هو الضحيّة. و أن لا نتحدث بلغة المكابر و أنكم مهما فعلتم سوف نرد. هذه ليست لغة. يجب أن نتوجه للعالم على الإطلاق. البارحة، ومع كامل احترامي، قال رئيس الوزراء الفلسطيني أنه لن يمنعنا الجدار العازل من تنفيذ عمليات استشهادية كرد على الإجرام الصهيوني. لا أعتقد أن هذا هو الرد الذي يجب أن نتوجه به للعالم. يجب أن نتوجه للعالم و أن نقول أن هذه حرب ابادة، و أن هذا الجدار هو عملية فصل عنصري، و أن كل ما يحدث هو نتيجة اليأس و الوسائل الإجرامية التي تقع على الشعب الفلسطيني. يعني الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني لا يقبل به إنسان في العالم. تخيلوا أن هذه الجرائم ترتكب بحقّ أي شعب في العالم غير العرب، ماذا يحدث ؟؟  يعني لا يمكن للإنسان أن يتصور أن سبعمائة طفل عربي يقتل و العرب لا يذكرون هذا الأمر في لقاءاتهم و في مؤتمراتهم و حديثهم مع الغرب. علينا أن نتحدث باللغة التي يتحدث بها الغرب و أن نقارع الطريقة التي يتحدث بها العدو الصهيوني بالحجة نفسها الحقيقة.

الأمر الآخر الذي يجب أن نقتنع به هو أنه ليس صحيحا ً أن عدونا بهذه القوة في الغرب، و أنه مهيمن على الساحة الأمريكية والأوربية، و أنه لا يمكننا فعل شيء! هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، فأنا زرتُ في السنتين الأخيرتين الولايات المتحدة أربع مرات، ثلاث مرات حين كنت الناطق الرسمي باسم بلدي و المرة الأخيرة حين كنت وزيرة للمغتربين، و التقيت مع المغتربين هناك. وبالتوازي مع اللقاء مع المغتربين القيتُ محاضرات في الجامعات الأمريكية، و اجتمعتُ مع رؤساء التحرير ومحررين في الجرائد في كل وسائل الإعلام التي ذهبت اليها، شيكاغو، هيوستن و الخ. و أيضا ً القيتُ محاضرات في مجالس العلاقات الخارجية في هيوستن، و في لوس انجلس و في واشنطن.في الحقيقة، لاحظتُ عطشاً كبيراً لمعرفة ما يجري في الشرق الأوسط لدى الشعب الأمريكي، لأنه يوجد تعتيم كبير لما يجري في الشرق الأوسط. يعني في الوقت الذي نحن نجلس كعرب أمام شاشات التلفزة و نتألم لمنظر الشهيد الذي قتلوه منذ يومين ورموه في حفرة، كان شاباً بعمر الورود. لكن هذه الصورة لا تصل الى الاعلام الغربي على الإطلاق، و لا يراها الإنسان الأمريكي! لا نستطيع أن نسأل لماذا يقبل الأمريكان بهذا الأمر، لأنهم لا يعرفون ماذا يجري فعلاً، ولا يرون ماذا يحدث.  تمّت السيطرة على الإعلام الغربي، لدرجة أن بعض المثقفين الأمريكيين في الجامعات الأمريكية يسمون الإعلام Properties،  لأن بضع شركات كبرى اشترت كل وسائل الإعلام في كل مكان، فهي تحجب ما تريد و تضع ما تريد و تتحدث باللغة التي تريد. و نحن غائبون عن الساحة!

يجب أن نعترف أننا كعرب نحن مقصرون بحقّ أنفسنا، و بحق شعوبنا، و بحق هويتنا، و بحق تاريخنا. نحن مقصرون لأننا لم نلتقط آلية العمل التي يعمل بها عدونا. لا نقارعه بنفس الأسلوب، أو بنفس الطريقة. فإذا استخدمنا الأسلوب نفسه حكما ً سنتفوق عليه، لأننا نحن أصحاب حق، فنحن لا نقتل شعبا ً، و لا نهجّر شعبا ً من دياره، بل فقط نريد السلام، ونريد أن نستعيد أرضنا، و نستعيد حقوقنا، و أمر تفوقنا على عدونا أمر سهل. ذكرتُ حادثة اليوم لأخي الدكتور بشارة، و أريد أن أذكرها لكم فقط لأنها تعطيكم دلالة ماذا رأيت و ماذا اكتشفت، و أذكره لأنني فوجئت بالأمر أيضا ً. كنت في جامعة برينستون  في كانون الثاني من العام الماضي، أي منذ شهرين، و القيت محاضرة حضرها حوالي مئتي أستاذ وطالب في جامعة برينستون، وأنا لا أقول هذا بسبب وجود السفير الفلسطيني بيننا، لكني مسؤلة عن الفلسطينيين كما هو مسؤل، هذا هو شعوري.  (يقول السفير الفلسطيني مقاطعا ً: و أنا أحيي فيك هذا الشعور).  لم أتحدث في محاضراتي ولقاءاتي عن سوريا بقدر ما تكلمت عن فلسطين. في اجتماعٍ مغلق مع معاون وزير الخارجية لأنه قضيتي و أنا مؤمنة أنه فلسطين قضيتي، و العروبة قضيتي و الجزائر قضيتي و مصر قضيتي و عمان قضيتي. أنا عربية قلبا ً و قالبا ً . فتحدثت يعني عن الجرائم التي يرتكبها العدوّ الصهيوني بحقّ شعبنا الفلسطيني، و عن خمسة عشرة ألف بيت تمّ تدميره، و عن ثلاثين ألف شجرة زيتون تم اقتلاعها، و عن سياسة شارون الإجرامية. و معروف شارون منذ السبعينات أن سياسته هدم المنازل و قتل الناس و تحكيم لغة العنف، ليس لديه أي أسلوب آخر. و عندما انتهيت يوجد أستاذة كبيرة بالسن، قالت بينما كنتُ أتلقى الأسئلة: أتيتِ حضرتك من سوريا إلى هنا كي تلومي شارون على كل ما يجري، وكي تلومي الإدارة لأمريكية على كل ما يجري في الشرق الأوسط؟!  أنت قطعت كل هذا الطريق و قادمة حتى تلومي شارون و الإدارة الأمريكية، ألا تعتقدين أن الطرفين الفلسطيني و الإسرائيلي يتحملان المسؤولية، ويجب عليهما أن يتحملا المسؤولية و أن يوقفا حلقة العنف و أن يتوقفا عن قتل بعضهم البعض؟  قلت لها سيدتي لا يوجد طرفان (هي قالت الطرفين يجب عليهما أن يتحملا المسؤولية). قلت لها سيدتي لا يوجد طرفان: يوجد طرف يحتلُ أرضا ً و طرفٌ أرضه محتلة. يوجد طرف يَقتُل و طرف يُقتل. برأيكم ماذا حدث بعد هذا؟؟  ضجت القاعة بالتصفيق. أنا صعقت. كنتُ أجيبها وأنظر الى الوجوه، وأسأل نفسي ماذا سأفعل إن أصبح الجوّ عدائيّاً أكثر؟ أحاول أن أضع بعض الاستراتيجيات في ذهني. إذا أتى أحدهم و قال لي سوريا كذا وكذا ماذا سأقول. ضجّت القاعة بأكملها بالتصفيق! استمروا بالتصفيق لأكثر من دقيقة! وبكل صراحة، أنا دهشت من هذا الموقف منهم. و كلهم نظروا اليها شزرا ً. و في حفل الاستقبال لم تحضره هي، خجلت و ذهبت. و الأساتذة الذين أتوا الي في قاعة الاستقبال قالوا لي سوف نستخدم هذا الجواب في القاعات الدراسية. نحن ليس لدينا جواب لهذا السؤال. عندما يقولون لي ألا يجب على الطرفان أن يجدا حلّ لا نستطيع أن نجيب عليه، وأنتِ الآن أعطيتينا جواباً نقوله لطلابنا. يوجد طرف محتل و طرف أرضه محتلة. طرف يَقتُل و طرف يُقتَل. هل يخطر ببالي أنا أن أستاذا ً في جامعة برينستون لا يعرف كيف يجيب على هذا السؤال؟!! لا يخطر ببالي الحقيقة. نحن لا يخطر ببالنا كعرب، للشعب الأمريكي، والإنسان بشكل عام، حياته الخاصة، وعمله. أي ليس لديهم وقت فراغ كي يقرأوا كل يوم عن قضية ليست قضيتهم.

لكن إذا أردنا أن نعرف ماذا يعرف الأمريكي العادي المتوسط حتى عن الشرق الأوسط دعونا كمجموعة من المثقفين العرب نحلل ماذا حدث في جورجيا. ماذا نعرف عن حقيقة ما جرى في جورجيا؟؟ لماذا استقال شيفردنادزيه ؟؟ و مين الذي أتى به و ما حقيقة الصراع؟؟ هل نعرف غير الذي أعطانا إياه الإعلام؟  لا نعرف حقيقة ً. مع أني أنا تابعت هذه القصة بشكل دقيق جدا ً، اكتشفت أن دور شفرنادزيه انتهى. أميركا تريد أن تتخلص منه، و تريد أن تضع الإصلاحي الكبير الذي يحقق لها غرضها و يمشي معها كيفما تريد و بداية حرب باردة بين روسيا و الولايات المتحدة. لكن إذا سألت الإنسان العادي ماذا حصل في جورجيا؟ و كيف ستحل على المعلومات؟؟ يجب أن تبحث كثيرا ً حتى تعرف ماذا جرى في جورجيا. الإعلام الأمريكي هو إعلام سخيف حقيقة ً يعني. ذاك الأسبوع كان كله عن مايكل جاكسون و ماذا حل بمايكل جاكسون.

الآن، كي أختتم بهذا، و بعد خطاب بوش و كلامه عن “Greater Middle East” و طبعا ً معظمنا نستخدم “Greater Middle East” لأنهم هم الذين صنعوا لنا هذه العبارة و أعطونا إياها و يعرفونا بأنفسنا و ما هي جغرافيتنا و ما هي هويتنا. هذه هي المشكلة. المشكلة أن إعلامنا هو إعلام متلقي و نحن كعرب أصبحنا متلقون. و الحقيقة أنا منذ أسبوع كنت في طرابلس أعطي محاضرة واحدة عن المصطلحات الإعلامية؛ أين كانت و أين أصبحت على الحقّ العربي. و قبل أن أختتم أريد أن أعطيكم مثال واحد الى أين يؤدي بنا المصطلح الذي يصمموه لنا الإسرائيليين و يبعثونه الى إعلامنا و نحن نتلقفه بكل صدر رحب لأننا كسولين، لا نريد أن نخترع المصطلح الذي يليق بقضيتنا الحقيقة. الآن مثلا ً ماذا يجري بعد خطاب بوش في Union’s address؟  الآن و كل الوزارات الخارجية في أوروبا و العالم و في كل مراكز الأبحاث  مشغولة تصفف ماذا يجب أن تبث في الشرق الأوسط. تصفف لنا المستقبل. تفكر كيف يجب أن تسير الديمقراطية و أي حاكم يجب أن يصير و ما الإصلاح الاقتصادي الذي يجب أن يصير و ماذا يجب أن يصير في الجزائر و في سوريا و المغرب و مصر و في كل بلد، و نحن جالسون. تجتمع سوريا مع قطر ومع اليمن، لكن لا يوجد لدينا عشرون وزير خارجية يدورون على العواصم الأوربية يقولون أن الشرق الأوسط مشكلته كذا كذا ، و هذا ما نراه أنه يجب أن يحدث، ونحن أبناء هذه المنطقة،  ونرفض أن يحدث إلا هكذا، لأنه بعد حزيران سيكون المخطط قد وُضع! الآن كل الاجتماعات و كل الـstaff  يخطط ماذا يصير. يوشكا فيشر يعمل مع فريقه. وزير خارجيتنا ذهب إليه ليناقشه في موضوع الشرق الأوسط. كلهم يخططون في مسألة الشرق الأوسط إلا العرب.

سفير: معالي الوزيرة نحن نذكر أن هذه المبادرة الأمريكية و الديمقراطية التي تريدها أمريكا في الشرق الأوسط كتب عنها بيريز في السوق الشرق أوسطية، و هذه السوق شرق أوسطية  هي جزء من المبادرة العامة التي وضعها بوش. يعني معناه نحن إذا ما حاربنا ما طرحه بيريز ذاك الوقت و الآن كبروا الحجم و أثقلوا علينا فيعني متى ستكون الصحوة؟؟ و كما تفضلت، و أنا معك، إن وُجد خمسة أو ثلاثة من كل وزارة خارجية عربيّة، أو ثلاث في الخارجية نحن نعمل إنجاز كبير. و لكن للأسف نحن يعني غير مبالين. طبعا ً هذا ليس ذنب السفراء الجالسين. نحن أيضا ً كأفراد نحاول أن نأخذ شيء من الدولة التي نحن بها و نحاول أن نضع حدود لبعض التماديات التي تحصل من خلال وجودنا في هذا البلد. و نحاول نعطي آرائنا و أفكارنا التي نستطيع عليها. و لكن أنا وضعت فكرة و أرسلتها الى المركز أين سأذهب عندما يأتي المركز و يقول لي “حل عني”؟؟ هذه هي المشكلة.

الدكتورة بثينة شعبان:  هذه هي المشكلة، لكن لن يبق منا أحداً، الحقيقة.

السفير:  و المصيبة أننا عارفون أنه لن يبق منا أحداً، وما حصل في العراق كان درساً، من أخذ هذه العبرة من ذاك الدرس؟. قالوا إن سورية تهرّب الأسلحة، وسوريا تهرّب المقاتلين، وسوريا تخبئ سلاح، وسوريا تهرّب السلاح الكيماوي، وسلاح الدمار الشامل. هذه النكشات هي حتى يعملوا شيء ضدّ سوريا. ما الذي يحدث؟؟

الدكتورة بثينة شعبان:  الآن بدأوا بمصر و السعودية، هم يستلمونا واحد واحد في الحقيقة. يعني بلد تلوّ بلد لأنه يوجد تقارير مكتوبة، هذا المخطط الصهيوني الأمريكي للمنطقة حقيقة ً يعني موجودة. يعني الإبقاء على ثروات المنطقة و تبديل هوية المنطقة. لا يريدون لغة عربية و لا قرآن و لا مسلمين و لا عروبة.

سفير دولة الجزائر: عندهم نظرة جيواستراتيجية معروفة و منذ سنوات كان لهم مواجهة مع الاتحاد السوفيتي القديم في الحرب الباردة كان عندهم تخطيط و نجحوا في هذه المنهجية و هذه الطريقة، نجحوا في الاتحاد السوفيتي. و كذلك في البلقان. حتى تدخلهم في العراق مبنيّ على نظرة جيواستراتيجية ، هم لا يهمهم العراق كعراق، بل تهمهم المنطقة. كنا مع الاخوان، و تكلمنا عن هذه النقطة عن هذه الخريطة الكبيرة. حالياً كشفوا لنا نسبة و ليس كلها…

الدكتورة بثينة شعبان: (مقاطعة) لا ليس كلها.

سفير دولة الجزائر: سيكون لأوروبا دور جيواستراتيجي لا يمكن لها تجاوزه، و هذه حقيقة معروفة. إن ايطاليا تلعب دوراً جديداً، و أن أسبانيا تلعب دوراً جديداً، و البلقان يلعب دوراً جديداً، و البحر الأبيض المتوسط مثل ما قالوا هم يتكلمون فقط عن المنطقة الخصبة العربية و عن المنطقة الآسيوية بخصوص القوقاز. أما دمشق و بالنسبة لهذه الخارطة الكبيرة  فهو دور جديد بالنسبة لنا، دور هام  حتى يتمكن هذا المراقب العام نقل الطاقة، إنتاج الطاقة، كل هذه الأمور و لا يهمهم ديمقراطية. معكِ حقّ فيما قلتيه، و كما تفضلتِ كعربية، كوزيرة و كل هذا الأمور، و أتمنى أن تصححي لي أنا لي تعليق على نقطة. هو في الحقيقة عدة مرات نحن كنخبة، كنخبة عربية نتكلم و نقول. ما هو التعبير الحقيقي كعرب، ما هو التحليل إذا كان العرب يقومون بالصراع فقط فلن ننجح، و عدة مرات يتكلمون عن الإخوان الأعزاء. و أنتم مطلعون على الصراع في الجزائر و الدول الأوربية يعرفون هذا الصراع لكن عندهم لا يوجد تونسي أو جزائري أو مغربي، كلهم عرب، عندهم كلهم عرب.

الدكتورة بثينة شعبان: (مقاطعة) الله وكيلك عندهم كلنا واحد، كلنا عرب، أما بين بعضنا فنحن لسنا كلنا عرباً!

سفير دولة الجزائر: و الله الشيء الذي يقولونه فيه نسبة من القساوة في التفكير. الآسيويين قاموا بتسوية أمورهم منذ أربعين سنة، حاليا ً ما هو الفرق؟؟  الفرق أن الآسيوي حدّد بعض الأولويات، الاولويات هي كيف يكون شعبه، كيف يتحكم بالتكنولوجيا بالعلوم.  الخطاب السياسي لم يوضح في الساحة العالمية، لم يوضح كثيرا ً، أي شيء يصعد للقمر 60 % آسيوي. نحن كشعب، كقيادة ، كنخبة الكل عنده مسؤوليته و عنده الدورالذي يقومون به. نحن للآن بين بعضنا لم نحدد الآولويات المشتركة، ما هي الأولويات بالنسبة لنا؟؟  نحن مرة كنا في تونس مجموعة كبيرة  و كنا مرة مع إخوان جزائريين من منهم أقدمية و ثورة و كذا و فيهم إخوان آخرين ضليعين في المجال السياسي و كثير منهم حاليا ً مترشحين للإنتخابات، و كل واحد يحلل وحده. قلت لهم يا أخوان اسمحولي أطرح سؤال. هل أنتما؟ قالوا مين. قلت الجزائر محكومة بالحكم بإله واحد و أنتم ليس عندكم دور و حدود الساحة تبقى نفس الشيء و نحن موجودين و الشيء ما بيتغير.  نفس السؤال مثلك ما طرحوه، مثل ما طرحت. نحن يجب أن نطرح أولويات لنا. و مسؤوليتنا لتكوين مجتمع ما حدا ينهب من هذا الباب. هذا هو المشكل. نحن رأينا نفس الشيء في الجالية اللبنانية في الخارج و في كل الجاليات العربية: سوريا و فلسطين لديهم جالية قوية. أحياناً نحن لا نتحكم باللغة العربية.

الدكتورة بثينة شعبان:  الآن في أوروبا و في أمريكا يوجد صحوة حقيقية للشيء الذي يحدث في الشرق الاوسط، نتيجة لحرب العراق، نتيجة لكذبة أسلحة الدمار الشامل، نتيجة الكذب الذي حدث و الى آخره، نتيجة القوانين التي ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية و التي تحدّ من حريّة الإنسان الأمريكي، و تشوّه الحياة الأمريكية. فانا في الاسبوعين الاخيرين أقرأ مقالات لا اصدّق ما أقرأ. أولا ً الآن استقالة ريشارد بيرنز أتت نتيجة ضغط أن هذا الخط هو خط مدمر في الولايات المتحدة نفسها. منذ يومين أو ثلاث خرجت مقالة لكينيدي مرشح الولايات المتحدة الأمريكية يتهم عناصر نيوكومز بالخيانة لأنه تنفذ برنامج اسرائيل و ليس برنامج اميركا. يعني الذي أريد ان أقوله هو أن الجو العالمي مهيئ للنشاط العربي و الحقوق العربية و لكن بلغة مفهومة و بمصطلحات مفهومة و ليس انشاء.

سفير من المغرب العربي: الآن في المجتمع المدني، لآخذ مثال مجتمع المغرب، المجمع المدني يلعب دوراً هاماً جدا ً كما في تركيا. بالنسبة للداخل و بالنسبة للخارج، و حتى جمعيات المغتربين في الخارج تقوم بتوعية و بشرح القضية العربية و القضايا الوطنية.

الدكتورة بثينة شعبان:  أنا التقيت بالأخت نزهة شقروني في دمشق و تحدثنا عن أهمية تفعيل المغتربين و توعيتهم.

سفير من المغرب العربي: استخدامهم كسلاح مهم.

الدكتورة بثينة شعبان:  ما هو عدد اليهود؟؟ ليس عندهم ( قاطعها المتحدث من المغرب: لأنهم مسيطرين على مراكز الإعلام).  لأنهم يعملون و يشترون و نحن غبنا.

سفير من المغرب العربي: هم لديهم العربي كعربي أيّاً يكن! لا نهمهم مثلما لا يهمهم الدول الافريقية.  البعض منها لا يهمهم، لا يوجد تحليل و لا يوجد خطة. و مثل ما لاحظت سيادة الوزيرة. إخواننا الذين يعتبرون أنفسهم غير مقصودين هم المقصودون بالدرجة الاولى. إنها قضية هامة.

الدكتورة بثينة شعبان:  انها قضية هامة جدا ً.  كما تفضلت سعادة السفير يعني أن نفكر سوية و نعمل سوية و نضع أولويات لعملنا، لماذا العرب هم الوحيدين الذين ليس لهم وزن لماذا؟؟ يعني كل الكون الآن يشهد تكتلات إقليمية. أوروبا يعملون ليلا ً نهارا ً. يوميا ً يوجد عندهم عمل. هم يفكرون، يخططون و يبرمجون. نأتي الى المشكلة و نجلس أن فلان حبيبي عيوني و عندما نتركه نتحدث عليه.  إن كل شخص مسئول.  نحن نريد تغيير طريقة التفكير الحقيقة يعني، نحن نحتاج الى تغيير طريقة التفكير.

سفير:  نحن منتظرين الآخرين ليغييروها لنا.

الدكتورة بثينة شعبان:  لأننا سنتغير بإتجاه العروبة بالاتجاه المعاكس، الحقيقة. هم لا يستطيعون أن يغيرونا.

سفير دولة مصر: في الحقيقة، معالي الوزيرة، نحن نشكرك لأنك تكلمت بهذه الشفافية و بهذه الصراحة.  حقيقة ً، أنا لدي بعض التساؤلات. يعني نحن نتحدث عن التحديث و الإصلاح بينما في الطرف الآخر العالم يتعامل معنا ككل. و هذه مفارقة. لكن في نفس الوقت  نحن لا بد من أن نمتلك البديل لأنه لا شك أن أوضاعنا الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية ليست كما نتمنى جميعا ً. تقارير الفنية البشرية و هو التقرير الأساسي، أنا أريد أن أسمع وجهة نظرك كمثقفة، هل هي مسئولية، مرة أخرى، قيادات أم هي مسئولية النخبة و الشعوب و ثم إذا أرادت هذه النخبة و الشعوب أن تستنتج هذا البديل كي تستفيد. و النقطة الأخرى خاصة بالمغتربين حقيقة ً و خاصة أننا أثرنا نقطة اليهود. في الحقيقة قبل رومانيا أنا كنت في دول فيها جاليات عربية ضخمة، فنزويلا مثلا ً فيها مليون عربي. و خمس و عشرون ألف يهودي. لكن كوني واثقة أن خمسة و عشرون ألف يهودي يعادلوا مرات أضعاف هذه الجالية الذين منهم أناس مهمين مثلا ً مستشار الرئيس ليناني و مستشار رئيس الشؤون السياسية لبناني. و الرئيس نفسه يعتبر صديق للبلدان العربية، لكن ربما الكثيرين من العموم لا يعلمون هذا. بالمناسبة هو يعتبر أول من يعترف بدولة فلسطين في العالم.

الدكتورة بثينة شعبان:  لكن لماذا تحاربون أميركا؟ لماذا تحاربون ؟ لكن نحن، هل يوجد أحد أرسل له برقية على مواقفه؟ هل يوجد أحد أرسل له دعم؟

سفير دولة مصر:  لكن يوجد هنا نقطة مهمة، كنتُ ذات مرة في حديث  مع شخص فنزويلي، فقال لي انتبه أنا يهودي. فقلت له يهودي، ليس لدي مشكلة أهلا ً و سهلا ً. قال اسرائيل هي بلدي و هو فنزويلي، لكن الولاء لاسرائيل عنده قضية محسومة، لكن هنا في رومانيا الولاء اليهودي هو لاسرائيل أولا ً بصرف النظر طبعا ً عن بعض الشخصيات المستنيرة بحكم وضعها الثقافي أو كذا.

إذا ً أتمنى أن أسمع وجهة نظر  سيادتك في موقف البديل و كيف من الممكن؟؟ كيف نستطيع أن نوجد للمغتربين العرب الوسائل العملية و نحقق لبعض المغتربين العرب على الصعد الشخصية في هذا السياق؟ و كيف نستخدم هذه البدائل العربية؟

الدكتورة بثينة شعبان:  سعادة السفير هناك نقطتان؛ النقطة الأولى هي الواقع العربي و ما نعاني منه. و فصل هذا الواقع، في الحقيقة، عما يخطط لنا. أي أنّ ما يخطط للعرب هو ليس للخروج من الأزمات الاقتصادية و تشغيل الناس و هو ليس كذلك على الإطلاق، و إذا أردنا أن نأخذ العراق كمثل، يعني مع كل حقدنا و كرهنا على من قاد العراق الى هذه النقطة و الذي هو بدون شكّ صدام حسين و هذا النظام البائد الذي دمر العراق، الحقيقة. يعني الآن ما هو وضع العراق؟ و ما هو مستقبل العراق؟ و ماذا فعلوا للعراق سوى الذل و القتل و الدمار و الاحتلال. بالإضافة الى التقسيم. الله أعلم ما هو مستقبل العراق. بالنسبة لي يعني قضية أن المخطط الغربي نابع نتيجة سوء أوضاع العالم العربي و ضرورة أن تصبح هذه المنطقة في ركب العالم المتقدم هذا نقاش محسوم أنه ليس صحيحا ً. الشيء الصحيح هو أن الصهيونية نجحت في خطف أحداث 11 أيلول. و أنا شخصيا ً أقول أن المستفيد من هذه الأحداث هو المدبر لها كائنا ً من كان المنفذ. و وصلت المسلمين  و العرب بأنهم terrorist و ضمت ما يجري في الشرق الأوسط الى قضية الإرهاب، و كان هذا مفصل خطير و كان يجب على العرب أن لا يسمحوا بهذا. و ألغت موضوع المقاومة و اعتبرت الجميع إرهابيين. و اختطفت أيضا ً الإدارة الأمريكية النيوكوم، و أخذت تخطط للمنطقة ما تشاء.

في الحقيقة ليس العرب فقط هم الخاسرون الولايات المتحدة ذاتها خاسرة في هذه المعركة. يعني خسرت من مصداقيتها و من سمعتها و من ألقها في العالم و سخّر كل شيء للصهيونية. الآن البديل هناك حلان كعرب إذا أردنا أن نفكر فعلا ً بشكل سليم و إن أردنا فعلا ً أن نتوجه بشكل سليم الى مستقبل  حتى و إن أخذ منا هذا عشر سنوات.

الأمر الأول هو أن نناضل دوليا ً بالشكل السليم و أن نتحدث لغة العالم، و أن  نكون متوازنين، و أن نناقش العالم باللغة التي يفهمها و أن نخلص من الأسطورة الصهيونية بأنها تتحكم بالعالم، هي تتحكم بالعالم فقط لأننا غائبون. لو كنا حاضرين لما استطاعت أن تتحكم. هذا أولا ً.

ثانيا ً، أن نكون جريئين و أصحاب رأي و مصداقية في دولنا و في شؤوننا  و أن نحاول تشجيع المجتمعات المدنية و حركات الشعوب و الديمقراطية والشفافية في مجتمعاتنا. ليس بسبب ضغوط خارجية لأنه مطلب لنا. يعني الآن الاتجاه أنه إذا أردنا أن نغير شيء ما بشكل ايجابي، العناصر السيئة في هذه البلد تقول أن هذا نتيجة ضغط لأنها هي عناصر مستفيدة و هي لا تريد التغيير. و هنا المشكلة، يعني هنا الإشكال الذي نحن واقعون به. يجب الفصل و أن نقول نحن بحاجة الى التغيير و أن الديمقراطية نحن بحاجة إليها؛ سواء قال الغرب ذلك أم لم يقل. يعني أن نفصل بين الأمرين و أن نتصرف و نتوجه بكل جرأة وبكل ثقة بالنفس لمعايشة قضايانا.

نحن ليس لدينا مشكلة سوى عدم الثقة بالنفس أولا ً و ثانيا ً غياب آليات العمل. نحن نتحدث لكن ليس لدينا آليات عمل. نحن في سوريا يوجد ستمائة ألف سوري في الولايات المتحدة، وهم ليسوا سوريون عاديون. أنا سافرت الى سبع ولايات أمريكية في كانون الأول الماضي، في كليفلاند، في مشفى كليفلاند و كما هو معروف هو أفضل مشفى بالعالم، أحسن مشفى في كل العالم. الأطباء السوريون يشكلون ستين بالمئة من الأطباء في مشفى كليفلاند. قالوا لي أنهم في مجلس الإدارة إذا غاب الإثنين الأمريكيين نتحدث بالعربي لأنه لم يبق أحد أمريكي، كلهم سوريون. طيب هذه الثروة البشرية التي هي عندي أنا ماذا استثمرت بها، عندما وصلت الى كليفلاند قال لي طبيب سوري هناك أنه لي ثلاثون سنة في هذه البلد و أنت أول مسؤول سوري يطأ هذه الأرض. هل يصحّ هذا؟ لماذا ألوم الصهيونية على تقصيري أنا؟ و من ثم هم ليس عملهم في مجال السياسة، ولذلك أنا الذي يجب أن أذهب اليهم و أقول لهم ما هو موقفي، و ما هو موقف بلدي، و كيف يجب أن يتحدثوا مع الأمريكيين، و كيف يجب أن ينشطوا مع الكونغرس، و يجب أن ينشطوا بالإعلام. هؤلاء يجب أن يكونوا لوبي لبلدي.

الأمر الآخر، عندما أريد أن أفعّل دور الناس يجب أن أكون نموذج كقيادة. يجب أن أتمتع بالمصداقية و الإحترام  و الشفافية  والبعد عن الرخص. هذه مشكلة عندنا نحن. هذه مشكلة في الأمة العربية كلها، فعندما يقتل الفلسطينييون و يستشهدون إذا ً هذه الأمة لديها مشكلة في أن قياداتها هي خلف شعوبها. أي الشعوب تقدمت على حكوماتها. أنا عندما أذهب الى قريتنا فإن نساء القرية يتحدثن معي بحديث أمتع بمليون مرة من ناس عندهم دكتوراه، وذلك لأنه كله شفافية و مصداقية واقتراب من الواقع، بالفطرة السليمة حقيقة ً. و الله العظيم يتحدثون معي بصدق و استمتع بهم أكثر بكثير من أناس مثقفين وعندهم مراكز و الخ.

ملّ الشعب العربي، لأننا بحاجة الى الصدق و الى الجرأة. و صدقني سعادة السفير أنا برأيي الشخصي لو أننا توجهنا الى العالم و خاطبناه بهذه اللغة التي نتحدث بها هنا الآن فإننا بسنة واحدة نغير هذا الرأي العام. أنت لا تتصور كم هي خصبة الأرضية لنا، خصبة كثيرا ً، و المجالات مفتوحة بطريقة ليست طبيعية.  عندما ألقوا القبض على صدام حسين كنت أنا في واشنطن و قبلها بيوم كان عندي اجتماع  مع Editorial Board of CNN كلهم أتوا من أطلانطا إلى واشنطن كي يلتقوا بي. جلسنا و تحدثنا حوالي الثلاث ساعات. و  رئيس الـ CNN قال لي أننا نحن سمعنا أن صدام حسين هو في سوريا. قلت له أنتم سمعتم الكثير، لكن آخر بلد سوف يفكر به صدام حسين هو سوريا. يعني ممكن له أن يأتي إلى واشنطن قبل أن يأتي الى سوريا. ثاني يوم صباحا ً استيقظنا أنهم ألقوا القبض على صدام حسين، فاتصلت به و قلت له هاهم ألقوا القبض على صدام حسين، و لازم أظهر أنا على قناة الـ CNN، و قال لي سنرتب اللقاء معك على الـ CNN، وبالفعل ظهرتُ على الـ CNN وقلت لهم على الـ CNN أنّ رئيس تحرير الـ CNN كان يقول أن صدام في سوريا. و اليوم ألقوا القبض عليه و هذا لا يدلّكم فقط على خطأ هذه المعلومة و إنما يدلّكم على كل خطأ كل المعلومات التي يتم تناولها عن  سوريا.

الغرب عندهم مصداقية ومهنية. عندهم مستوى مهني لا ينزلون عنه. يعني إذا نحن استطعنا أن نفهم هذا المستوى المهني و استطعنا أن نستثمره و نستغله لصالح قضايانا العادلة، ليس لدينا ما نخفيه، فقضايانا عادلة و مشرّفة و نبيلة و ليس لدينا ما نخفيه. يمكننا تحقيق الشيء الكثير، الحقيقة. فأنا أينما توجهت و حيثما أسير أعمل، فأنا أعمل ليل نهار هل تعرف لماذا؟؟  لأنه يوجد تقصير فظيع، أرى أنه لا يوجد شيء مشغول، القليل من الناس تعمل. و المشكلة الحل هو أن نعتبر أننا أصحاب قضية، هذا هو الحل. الغرب لا يعتبروا أنهم أصحاب قضية. لهم حكومة مسئولة و لديهم وزير مسؤول، و رئيس مسؤول. و كل فرد منا يعتبر نفسه صاحب قضية، صاحب مشروع. يعني إذا الآن نحن لم نحرّك القضية متى سنتحرك؟؟

يلزمنا تغيير، يلزمنا تغيير ثقافي، يعني منذ الصغر الحقيقة. يعني أنا اطلعت على الخطة الإعلامية الصهيونية لعام 2002 بعد أحداث 11 أيلول. أنا كنت أعمل بالإعلام وأهوى الإعلام. كتاب صغير أعطاني إياه صديق حصل عليه في نيويورك. يوجد فيه ثلاث رسائل لكل وسائل الإعلام. أول رسالة: تغييب حقيقة الاحتلال. لا يجب لأحد أن يتكلم عن الاحتلال.  ثاني رسالة: هي الحديث الإسرائيليين كطرفين. لا يوجد إسرائيليين و فلسطينيين. يوجد طرفين. تقاتل الطرفان باشتباكات بين الطرفين و الخ. الرسالة الثالثة: All Terrorism is Terrorism لا يوجد مقاومة. يا ترى ألم يحققوها بالإعلام العالمي؟ نعم حققوها.

فنحن كعرب نقول “قوات قتلت”، ولا نقول “قوات اسرائيلية محتّلة قتلت”! لماذا؟ لأنه استلم هذه الجملة من وكالة الأسوشيتد برس، أو من الوكالات الأخرى، على أنها قوات، و لم يكمل الجملة.  لا أريد أن اسمي أسماء. مسؤول عربي كبير بعد المجزرة الأخيرة في غزة قال على الإسرائيليين و الفلسطينيين إيقاف العنف المتبادل بينهما. هل هذا عنف متبادل؟ هذا المصطلح صممته الصهيونية و نحن نتلقاه كعرب، كل إعلامنا العربي بدون استثناء. كله يتلقى المصطلح نفسه و لا نغير شيء فيه. يجب أن نبدأ بانفسنا، الحقيقة. إذا أخذتم مسألة المستوطنات و عندما بدأنا بمدريد dismantle of settlement تفكيك المستوطنات،  و من ثم satiating settlement إخلاء المستوطنات، ومن ثم freezing settlement تجميد المستوطنات، و من ثم أخرجوا Illegal Settlement و من ثم settlement point و من ثم في خطاب شارون الأخير عندما قال أنه يريد إخلاء المستوطنات من غزة قال evacuate furry really locate إعادة موضعة المستوطنات.  انظروا أين أزاحوا محاربة الاستيطان: من تفكيك و إخلاء الى أن هذه المستوطنات أصبحت من حقهم حتى بالضفة. و نحن العرب كل الفضائيات العربية و الإعلام العربي حفظت من terms الى terms الى terms نفس الشيء، و بدون أي تغيير!

و أنا عملت في الإعلام الخارجي، ولاحظتُ أنهم ينقلون ما يأتيهم من وكالات الأنباء Associated Press, Reurters, etc.  أتت النشرة التي نحصل عليها نحن في وزارة الخارجية ” الانتحاريين”. سألتها لماذا تضعين الانتحاريين؟ قالت ماذا سأضع إذا ً؟ فقلتُ ضعي شهداء و ليس انتحاريين. يجب أن تعيد و لا يوجد أحد عنده الوقت و عنده الصبر و عنده قضية أن يعيد تحرير الخبر.

السفير الفلسطيني: معالي الوزيرة يوجد نقطة أساسية بالنسبة للإعلام. الآن نحن على الفضائيات، أصبح عددها ماشاء الله، ويوجد عندنا عدد كبير من المفكرين إن كان في أوروبا و أمريكا و في أنحاء العالم، و كلهم عرب و كلهم لهم مواقعهم ولهم احترامهم. حضرتكِ قلتِ في محاضرة أربعمائة أستاذ جامعي عملت ضجة. يعني أنا فلسطينياً أعرف أنه يوجد فوق الألف مدرس في جامعات أمريكا لوحدها، موجودين هنا و يعملون. لو أن كل واحد منهم عمل محاضرة واحدة في الشهر و ليس كل يوم، أن يظهر على الأقل يوجد عندنا في الإسبوع ثلاث أو أربع محاضرات منهم. فهذه الأشياء حبذا لو يحدث توجه بها أن هؤلاء الناس نرحب بهم على الفضائيات ليتحدثوا مع العالم، و لكن الأهم من هذا هو التحدث مع الناس الموجودة.

السفير اللبناني:  معالي الوزيرة يوجد سبب، لا يكفي الإعلام. يعني عندما كنت في أمريكا كان بنيامين نتنياهو هنا. ماذا يفعل هنا؟ كان لديه عدة أمور أهمها استرداد أملاك اليهود الذين طردوا الى خارج رومانيا في سنة 1918 و ما قبل. طيب لا يقبلوا اللاجئين الفلسطينيين أن يستردوا حقوقهم التي انتزعت منهم سنة 1948. هم يطالبون بحقوق لهم عام 1918. هذا وزير مالية في الحكومة الإسرائيلية. هذا ليس مفكر، هذا مسئول. هذا الموقف إذا واكبوا الإعلام يمكن أن يحقق نتائج، لكن إذا الإعلام مجرد بلاغ، المهم الموقف على الأرض. نحن كيف نتابع أمورنا نعتبره تدخل بالشؤون الداخلية. لو كانت المطالبة في مكان معين لكان اعتبر تدخل بالشؤون الداخلية. كيف ستوافقي أنت على أن ترجعوا للجماعة. هم يقاومون و يعتبرون حق اليهودي مقدس. و حق اليهودي لا تحده القوانين و الأنظمة، فوق القانون و فوق النظام.

المضيف: معالي الوزيرة، يوجد سؤال عند أخونا أبو محمود.

السفير الجزائري: دعونا نعود لما تفضل به سعادة سفير لبنان لكي نعمل توضيح أكثر. دعونا نعمل مقارنات للعرب في الخمسينات و الستينات و العرب  حالياً. ماذا نلاحظ؟ نلاحظ على المستوى العربي هبط في المستوى. استطاعوا أن يدحروا الاستعمار و عيّروا  كل هذه الدول و هذا النظام غيّروا. أولاً كان عندهم خطة و كان  عندهم تحليل استراتيجي و كانوا موجودين في المنافسة. أغلبهم لم يكن لديهم دول. لم يكن لديهم اقليم كدولة حرة. كان يوجد شعب، كان يوجد تفكير، مقاومة. كان يوجد مجال جيواستراتيجي و كان يوحد منافسة. حالياً يوجد دول و يوجد اقليم و يوجد ممثلين. و مثلما تفضلتِ  لا يوجد تحليل جيواستراتيجي، لسنا موجودين في المنافسة. و النقاط التي تجمعنا نحن كعرب هو الوجود اليهودي.  هم عندهم تحليل جيواستراتيجي، عندهم اهداف. الشيء الذي قلتيه هو شيء أساسي. الإخوان في مواقع المسؤولية هم  يعرفون الحضارة الغربية و ثقافتهم. هم كل ما يحركهم هو المنافسة. هم في المنافسة و نحن غير موجودين. إذا لم ندخل في المنافسة سوف نبقى في الخارج. أي إنسان، أي شعب يمكن أن يكون لديه القدرة للمبادرة ممكن أن ينافس و يرى كيف يحل القضية. هذه هي الحقيقة. نعطي مثال: لديهم خبير يحلل الأزمات في آسيا و كيف يتعاملون مع الأزمات في آسيا. داخل الساحة الآسيوية أن لا تتدخل دولة هذا لا يحدث. أنها تفاوض و تدخل في المناقشة و في المفاوضة السريّة، تتفاهم مع الصين و مع اليابان و حتى مع كوريا  الجنوبية. لأنهم موجودون في المسابقة، موجودون في المنافسة، موجودون في التحليل العربي. لكننا لسنا موجودين.

الدكتورة بثينة شعبان: لسنا موجودين.

سفير: عفواً لكننا نحن لا  نستطيع أن نعمل مثل اليهود سعادة السفير. نحن لسنا عنصريين. مشروعنا لا نفرضه على العدو.

الدكتورة بثينة شعبان:  لكنه الآن أصبح مشروع بقاء. لدينا قضية. نحن سنذهب في مهب الريح. لدينا مشروع على الأقل هو الحفاظ على هويتنا، على لغتنا، على تراثنا، على بقاءنا.

سفير: صراع بقاء.

الدكتورة بثينة شعبان: صراع بقاء. هذه قضية أساسية. و في الحقيقة يوجد شعور عربي بالإحباط فظيع. أنا أشبّه العرب، الحقيقة، مثل سبّحة مفروطة، لا يوجد خيط يربط بين حباتها. لكنك عندما تجمّعهم تصبح سبّحة.

سفير: التضامن.

الدكتورة بثينة شعبان:   نعم.

السفير الجزائري: كنا منافسين  في الخمسينات. مادام كنا  منافسين في الخمسينات فحافظوا على هذا.

المضيف: عفواً سفير السودان  يريد أن يتحدث.

الدكتورة بثينة شعبان:  أحب أن أسمع من السودان

سفير السودان: في الحقيقة نحن كعرب عندما نخاطب فإننا نخاطب بعضنا البعض. يعني نحن كعرب عندنا كتابات جميلة جداً، و خطابات جميلة جداً. لماذا لا نسمع بعضنا. و بنفس الوقت نحن لدينا مثقفين في شتى أنحاء العالم. يعني أنا في سنة ستة و ثمانين وقعت في يدي قائمة بأساتذة الجامعات الغربية الموجودين في الساحة. هذه المسألة يعني مسألة multidimensional  أي متعددة الأبعاد. فيها البعد الإعلامي و البعد الأكاديمي. فيهم  الباحثين و المثقفين و هم يسعون إلى إقناع العالم بوجهة نظرهم المقدمة. و أنا أذكر من الأشياء التي عندنا في السودان، الأشياء السلمية أن المثقفين  السودانيين و من ضمنهم المغتربين إطلاقاً لا يكتبون باللغة الإنكليزية و اللغة الفرنسية و لا بأي لغة. و من جهة ثانية إن المثقف العربي لديه بالغالب مشاكل مع حكومته و بالتالي لا يميل هذا المثقف للدفاع عن هذه الحكومة، بل على العكس يسعى إلى تقويضها. هذه المسألة غير موجودة عند الغربيين. أنا لم أسمع للآن بمعارض  غربي يطرح طرح على منبر خارج بلاده. لكن هذه للأسف موجودة عند الكثيرين عندنا. لذلك أصبح العالم كله يستعمل  منظمات المجتمع المدني. و منظمات المجتمع المدني أصبحت من القوة بحيث أنها  في عام 2001 أو هكذا يردهم من المعونات  يتفوق على كل ما يرد للأمم المتحدة. و هم بطريقة ما و بطريقة خفية يوظفون هذه المنظمات كي تنفذ أجندة هذه الدول. و نحن منظمات المجتمع المدني عندنا مازالت للآن في طور التكوين والنمو.

الدكتورة بثينة شعبان:  سعادة السفير اسمح لي أن أختلف معك في نقطة واحدة. أنه أول شيء و إذا أخذنا سوريا مثلاً ليس كل المغتربين هم معارضين للبلد، أكيد لا. و ليس لديهم نقطة ضدّ البلد، و لكن  معظمهم يعيشون حياتهم و لا يشعرون أنهم معنيون بقضية سياسية و خصوصاً بعد أحداث 11 أيلول أنه أصبح هناك خوف لدى العرب في كل مكان أن يعلنوا عن قضيتهم. و أن يتحدثوا كعرب و كمسلمين. و أنا أقول لك، برأيي، أننا لم نعمل معهم نقطة ارتباط، و وأننا لم نساهم معهم. و أنا لي للآن خمسة أشهر وزيرة للمغتربين أصعب مشكلة، دعني أتحدث بكل شفافية، هي أن تدع الناس يعملون مع بعضهم البعض. النادي السوري ضدّ الجمعية  السورية، و الجمعية السورية ضدّ منظمة أخرى، و كل شخص يعتبر أن الشخص الثاني هو تقويض لوجوده. هذه مشكلة حقيقية. يعني العمل الجماعي عندنا حقيقةَ صعب جداً. من الصعب أن تقنع الناس أنه يوجد قضيّة، و أننا نستطيع أن نقوم بهذه القضية. قلت لهم في أمريكا أنني مستغربة أنكم أصبحتم أحسن الناس، و أحسن الأطباء، و أحسن  المهندسين، و تعلمتم من الغرب كل شيء، ألم تتعلموا منهم أن تعملوا سوياً؟؟  ما سرّ قوة الأمريكيين؟؟ إنّ سرّ قوتهم هو المؤسسة. ينتمون إلى مؤسسة. ما هي أمريكا؟ إذا أردت أن تتحدث عن الطوائف في أمريكا و عن الأقليات و عن اللغات، تعالوا نفكر بأمريكا بهذه الطريقة ماذا سيحدث لأمريكا؟  ستتفكك أمريكا. عندهم  المؤسسة  أقوى من كل إنسان، أقوى من كل شخص. و هذا ما  ينقصنا نحن كعرب. نحن لم نعمل مؤسسات. لم ننجح في خلق مؤسسات. ما زلنا نعمل على نظام الفرد. يذهب سفير ويأتي سفير يختلف عنه مئة و ثمانون درجة. يذهب وزير و يأتي وزير يسير بعكس الإتجاه. هذه مشكلة، هذه مشكلة كبيرة عندنا  الحقيقة. و المشكلة الأكبر أننا لا نتحدث بصراحة. و أنا كإمرأة عاهدت نفسي أن لا  أتحدث إلا بصراحة أمام كل العالم. يعني سوف نذهب في مهب الريح  و نحن نتحدث و نكذب على بعضنا البعض و على أنفسنا و نقول أن كل الأمور على ما يرام و الحمد لله و أنه كله بخير. يكفي هذا. لم يعد لدينا وقت.

المضيف:  لا نحن مع إيديولوجية علي و لا  مع قومية معاوية. نحن مع الثقافة.

الدكتورة بثينة شعبان:  أبداً، أبداً.

المضيف: لدينا كل عناصر القوة و كل مقومات النجاح لكننا لا نستعملها.

الدكتورة بثينة شعبان:  في الحقيقة إن المعارك التي تثار ضدّنا تدعو إلى السخرية! الآن ماذا عملوا في فرنسا Anti-Antisemitism؟ اليوم كنت أقول للسيد معاون الوزير أن هذا المنطلق غير موجود الآن، غير موجود. هذا انتهى من القرن العشرين و هذا غير موجود. هذا يستخدم الآن لعدم انتقاد سياسات شارون و السياسات الإسرائيليّة. أما أن تقول لي أن ينتقد فنان ما في إسرائيل مقتل هنادي جريدات بأنه antisemitism فهذا غير حقيقي. هذا شيء مسخرة الحقيقة. لماذا هم قادرون أن يسيروا في هذا الطريق؟؟ هذا لأننا لا نستطيع أن ننتج ثقافة مضادة و ثقافة مغايرة و تقف أمام العالم و تقول نحن كذا و نحن كذا و هذا خطأ و هذا صواب. هذه المشكلة.

سفير السودان: معالي الوزيرة قد أرى معك بهذا الطرح.  لكن في الحقيقة أنا لم أكن أقصد السوريين أبداً.

الدكتورة بثينة شعبان: لا يوجد مشكلة.

سفير:  سعادة السفير، الناس المختلفين مع حكومتهم فقط السودانيين (ضحك).

الدكتورة بثينة شعبان: سعادة السفير أنا أتحدث إليك واقع و ليس هدفي….

السفير الجزائري:  ليس السوري و لا اللبناني…

الدكتورة بثينة شعبان: أنا أتحدث إليك بما لمست.

سفير السودان:  هم يضعون المثقفين في قوالب لا يخرجون عنها. يعني، أنا أذكر حضرت محاضرتين؛ واحدة من الدول العربية عن مستقبل النفط.

الدكتورة بثينة شعبان:  متى؟؟ في أي عام؟؟

سفير السودان:  هذا الكلام كان في الثمانينات.

الدكتورة بثينة شعبان:  أرجوك أحكي لي.

سفير السودان: كان يوجد مثقف عربي بالأصالة و الآخر مثقف عربي يعني..

الدكتورة بثينة شعبان:  بالوكالة.

سفير السودان: انهم يرسمون صورة قاتمة للدول النفطية و أنها تعاني أكثر ما تعاني من إنحدار أسعار النفط. و بالذات في مطلع الألفية الثانية في مطلع القرن  الحادي و العشرين. و بعض الناس يقولون  أن هؤلاء المثقفين العرب يتأثرون بالفكر الغربي و كأنهم يعملون لمؤسسات معينة.

الدكتورة بثينة شعبان: و الله سعادة السفير أنا جداً سعيدة لأنك أثرت هذا الموضوع أتعلم لماذا؟ لأنني أنا قرأت في الثمانينات أن النفط لم يعد هاماً و أن مصادر الطاقة ستتغير و الطاقة الشمسية، و العدد الأخير من The Economist أنهم لن يجدوا بديلاً عن النفط في الثلاثين سنة القادمة. و أن الشرق الأوسط سوف يبقى مهماً بسبب النفط. كل هذه الأكاذيب التي لفقوها و صاغوها و جعلوا، مثلما تفضلت، باحثين عرب يتحدثوا بها كلها كانت مصممة للضحك على العقل العربي، و أن النفط لم يعد مهم و أنه يوجد وسائل بديلة. و أنا قرأت منذ عدة أيام قليلة مضت أن كل الوسائل الأخرى هي وسائل باهظة التكاليف و غير عملية. و لذلك للثلاثين سنة القادمة لا ترى الولايات المتحدة بديلاً عن النفط و ستبقى الدول العربية هامة بسبب النفط. و أنا شاكرة لحضرتك أنك أثرت هذا المثال لأنني أنا أفكر كيف نحن كعرب لدينا الثقافة التي ينتجها لنا الآخر ضد مصالحنا، لأننا نحن لا ننتج ثقافتنا، ثقافتنا كعرب. و المشكلة الأخرى هم وضعوا تلفزيون الحرّة، وراديو سوا، و بدؤوا يوظفون أفضل الإعلاميين العرب كي يعلمونا الديمقراطية. و الجزيرة ستطلق محطة للأطفال كي تعلم الأطفال العرب كي يصبحون غربيين و يفكرون بالطريقة الغربية. يعني الخطورة كانت اختراقنا من الداخل. اختراق العرب من الداخل  و توظيف بعضنا لتقويض ثقافتنا. هذه في الحقيقة مشكلة رهيبة. يعني أنا عندما أتحدث يفكر أحد ما و يقول بماذا تفكر هذه الإمرأة! هل تعتقد أنه ما زال يوجد عروبة. لكنني أنا مؤمنة بالعروبة.

سفير السودان:   موجودة العروبة و لا شك.  معالي الوزيرة تذكري معي بالسبعينيات كان هنري كسنجر…

الدكتورة بثينة شعبان:  أنا لم أكن قد خلقت في السبعينات (ضحك).

سفير  السودان: في السبعينات كان هنري كسنجر يشتري البترول العربي لأنه لم يكن يوجد أحد يشتريه. و الآن رخصوا سعر البترول لدرجة أنه أصبح لتر الماء أغلى من لتر البنزين.

الدكتورة بثينة شعبان:  عندما سيستولون على البترول في العراق انظر كيف سيرتفع سعر البترول.

سفير السودان:  يعني هؤلاء المثقفين العرب نحن الذين فككنا الارتباط معهم.

الدكتورة بثينة شعبان:  هذا صحيح نحن من أهملهم. الحقّ علينا نحن في الحقيقة.

سفير السودان:  للأسف. عندك الآلاف في المغترب في كافة أنحاء العالم.

الدكتورة بثينة شعبان:  إنسى المغتربين، نحن كعرب و أنا موجودة هنا بين حضراتكم، أنا سأبدأ بنفسي ماذا أرى عن المغرب أو اليمن أو تونس أو الجزائر. لا أرى. على الأقل الفضائيات العربي تعمل مثل  BBC  تتحدث لي قليلاً عن اليمن و عن موريتانيا و عن الطوارئ. أن تعمل فقط مثل BBC  هذه الفضائيات العربية و الإعلام العربي. دعوها تبث ساعتين عن الجزائر و الجزائر تبث ساعتين عن دولة أخرى. دعوا المواطن السوري يعرف ماذا يحدث في العالم العربي و يعرف اللهجات العربية و يعرف الواقع العربي.  هذا كله مرده لعدم وجود مرجعية عربية. لا يوجد مرجعية تفكير عربي.

سفير:  رحم الله بو مدين رئيس الجزائر في مؤتمر الجزائر في مؤتمر القمة. فكان الرؤساء العرب يتحدثون أن إسرائيل لا تقهر، إسرائيل قاعدة متقدمة، إسرائيل…الخ. و نحن لا حول لنا و لا قوة سوى أن نسمع و ننفذ. له كلمة رحمه الله الرئيس بو مدين قال يا أخوان مع احترامي الكبير لأرائكم التي بها الكثير من الصح و لكن بالنتيجة أن عدونا العدو الإسرائيلي هو قوي و قوي جداً بقدر ما نحن ضعفاء و ضعفاء جداً.

الدكتورة بثينة شعبان:   صحيح، هذا الكلام صحيح رحمه الله. نحن مثلما يقولون في المثل الإنكليزي نحن لدينا Negative Energy. في واقعنا، الحقيقة، نستنزف معظم طاقتنا فقط لمقاومة التوجهات السلبية في مجتمعاتنا أو غير المؤمنة أو غير القادرة أو غير الكفوءة.

السفير الجزائري:  نحن غيّرنا العالم في الخمسينيات و الستينيات، غيّرنا العالم.

الدكتورة بثينة شعبان:  نعم غيّرنا العالم.  كان لدينا شعلة من الناس المتحمسة.

سفير:  كنا نعرف أن نقول لا.

الدكتورة بثينة شعبان:   لم تكن قد ظهرت الفلل و المرسيدسات في شوارعنا. و الآن، الحقيقة، ما يحدث لهذه الأمة ليس فقط الاحتلال و إنما  الإذلال. إذلال للنيل من كرامة هذه الأمة. حتى يشعروا الإنسان العربي أنه غير قادر و أنه محبط. حتى الطريقة التي اعتقلوا بها صدام حسين و الطريقة التي يقيدون بها العرب الأسرى كله هدفه إذلال للعرب و إشعارهم أنهم ليس لديهم قيمة، و ليس لديهم حول و لا قوة. و لذلك نحن الطريقة الوحيدة هي أن نرجع للكبرياء و للصمود.

سفير:  إن الإقتراح لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، إن هم ساروا  به هذا إنجاز تاريخي.

الدكتورة بثينة:  هذا لن يسيروا به و الأمم المتحدة لن تسير به أيضاً.

سفير:  في الحقيقة لقد أخذنا من وقتك الكثير معالي  الوزيرة.

الدكتورة بثينة شعبان:  لا أبداً أنا  جداً سعيدة.

السفير:  لكن أنا بإسم إخواني السفراء العرب و رؤساء البعثات في الحقيقة نحن جداً استفدنا من هذا الحديث…

الدكتورة بثينة شعبان:   و أنا أيضاً جداً استفدت منكم.

السفير:  لا بسبب تجوالك حول العالم، واجتماعاتك مع أناس كثيرين هذه خبرة كبيرة. نحن جداً شاكرين. و أنا بهذه المناسبة أشكر أخونا السفير بشارة على هذا الإجتماع القيّم، و إنشاء الله كانت رحلتك موفقة. و انشاء الله تجمعنا الأيام مرة أخرى.

الدكتورة بثينة شعبان:   لقد اتفقت مع الأخت نزهة أن نلتقي و نتبادل الخبرات فيما بيننا. لقد التقيتُ مع الأخ معاون الوزير في السودان، في الحقيقة عندكم عمل جداً جيد، و أنتم تعملون مؤتمرات اغترابية و استفدت كثيراً من الأخوة المغتربين والعمل الإغترابي في السودان. و إنشاء الله ننسق جهودنا في المجال الإغترابي.  أقول لهم في لبنان أن وزارتي هي وزارة عربية و ليست فقط سورية في الحقيقة. و قد سعدت هنا في رومانيا أنه يوجد بداية لتشكيل اتحاد العرب و أنا في الحقيقة أهنئكم و أشكركم عليه. و إنشاء الله يكون نموذجياً، وأن يكون منظمة غير حكومية ثقافية NGO  للحفاظ على الهوية، على اللغة. دعونا نبدأ من أشياء صغيرة مشتركة عساه ننطلق للأشياء الأكبر. في كندا يوجد الأخت نوال حلاوة من فلسطين أسست بيت عربي، مؤسسة ثقافيّة. لنا إيمان بهذه الأمة إنشاء الله لا تموت. يوجد مؤمنين و مخلصين و لا بد أن ننطلق مرة أخرى. و ربما أنتم ستحتاجون لنساء ليعملوا هذا العمل (ضحك).

سفير الجزائر:  نحن مع وجود النساء.

الدكتورة بثينة شعبان:  حالة المجتمع المدني تبدو كبيرة في المغرب الآن. في الحقيقة، عندما بدأت كأستاذة جامعية بدأت أعمل على المرأة العربية. والحقيقة أول كتاب كتبته باللغة الإنكليزية كتبته عن المرأة العربية في فلسطين والجزائر و لبنان و سوريا. و الكتاب الثاني كان عن الرواية النسائية العربيّة. و لكن الآن أنا فعلاً  لا أرضى أن أقول أنني أمثّل المرأة العربية لأني أريد أن أكون الإنسانة العربية. لأن المرحلة لا تقبل هذا الأمر، الحقيقة.

سفير:  أيضاً مع كل الإحترام وجود امرأة عربية مثقفة في موقع هام يعطي صورة للعالم حالة من الإصلاح. و هي من النقاط الهامة في المجتمعات الغربية.

الدكتورة بثينة شعبان:   تمثيل المرأة، لذلك ألغوا القانون 137 و عادوا إلى قانون التمثيل حسب الدين.

سفير:  يمكن أنت شعرت بالذي حصل في هذه التظاهرة عندما كنت في الإعلام الخارجي و كيف أن الصحفيين اندفعوا اندفاعاً بشكل مخيف حسب ما رأيناه على التلفاز.

الدكتورة بثينة شعبان:  الحمد لله، الحمد لله. الله يقدرنا نخدم.

سفير الجزائر:  في الحقيقة الغرب يدرس كل شيء عن أي قضية.

الدكتورة بثينة شعبان:   هذا صحيح، هم درسوا كل شيء عندما قطع العرب النفط عن الغرب في السبعينات. درسوا كل شيء حتى لا تتكرر هذه الحالة.

سفير: عدنا إلى السبعينات إذاً (ضحك).

الدكتورة بثينة شعبان:  هم اخبروني بهذا (ضحك). في الحقيقة أنا جداً سعيدة بهذه الجلسة، و أريد أن أشكر الدكتور بشارة و أتشكركم جميعاً و أنا آسفة إذا كنت قد تكلمت بحماس، لكنني لا أستطيع لأنني، و بصراحة، هذا طبعي لأن القضية بالنسبة لي قضية حميمة. أنا أقول لهم الوزارة بالنسبة لي ليست وظيفة، أنا صاحبة قضيّة. أي شيء آخر هو لخدمة هذه القضيّة■

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى