محاضراتمحاضرات اغترابية

مع الجالية العربية السورية في رومانيا

د. بثينة شعبان

29 شباط 2004

 

 السلام عليكم و رحمة الله.

    يسعدني جداً أن أكون بينكم هذا الصباح و أتمنى من كل قلبي أن أتمكن من التعرف على حضراتكم واحداً واحداً، لانني مؤمنة أن كل واحد من هذا الشعب العظيم يشكل ثروة لنا. و لأنني مؤمنة أن الطاقات الخيرة المتمثلة بكم هي خير رصيد لمستقبل وطننا و مستقبل أمتنا.

    و علي أن أبدأ أولاً بنقل محبة السيد الرئيس بشار الأسد لكم جميعاً و فخره بأن المغتربين السوريين هم مواطنون بامتياز في البلدان التي يعيشون بها. و هم مواطنون بامتياز لأنهم يعملون على تعزيز الانتماء بينهم و بين وطنهم الأم، بين بلدهم الجديد الذي اختاروه و بين وطنهم الأم أيضاً. و أن أخبركم أن السيد الرئيس لا يرى أي تناقض على الإطلاق بين إخلاصكم للبلاد التي قدر الله لكم أن تكونوا بها وبين إخلاصكم لهويتكم و ثقافتكم و تاريخكم. و من هنا نحن نرى في  المغتربين جسراً حقيقياً للتواصل بين سوريا و بين مختلف بلدان العالم. و بعد معرفتي و متابعتي الدقيقة بجاليتكم الكريمة فإنني اعتقد أنكم خير من يجسد هذا الطموح الذي يطمح إليه السيد الرئيس. فجاليتكم جالية مثقفة، و جالية ذات سوية فكرية عالية نتيجة الظروف التي أتت بكم جميعاً الى هنا، و جالية واعية و جالية ملتزمة ، و جالية قادرة أن تلعب دوراً ريادياً. أن تلعب دوراً معتبراً و أنموذجاً للجاليات الأخرى. و أرجو الله أن يكون هذا هو هدفنا جميعاً في المستقبل. أن تقدم هذه الجالية الكريمة المثل و النموذج لجميع جالياتنا في جميع أنحاء العالم.

    و أود أولاً بعد ذلك أن أتشكر الدكتور بشارة، ممثل الحكومة السورية في رومانيا. و أن أتشكر لجنة رابطة الجالية، و أن أتشكر الاتحاد الوطني لطلبة سورية و اتحاد العرب. و أصبح أن تعمل كل هذه الهيئات التي لا أشك في إخلاص أي منها، و صدق أي منها، و حرص أي منها على الوطن أن تعمل جميعاً يداً واحدة من أجل إعلاء كلمة العروبة و الوطن.

      و أنا أحب أن أتحدث عن المصاعب و ليس عن الإنجازات مع أنه يجب أولاً أن أركز على ما قاله الدكتور بشارة أن شراء مقر لها هو أمر ممتاز و أمر نفخر به جمعياً، و آمل أن يتكرر في بلاد الاغتراب. و أن فاعلية الرابطة هو بدون شك بمحبتكم انتم و تعاونكم انتم. و أريد أن أشير إلى الشكر الذي قدمه الدكتور رياض الى وزارة المغتربين و أقول لكم أن الشكر يعود الى كل من يعمل في تلك الوزارة من شباب و شابات مندفعين مؤمنين بالقضايا الاغترابية. يعملون ليلاً نهاراً، عطلةً و جمعة ً لإعلاء شأن الاغتراب. و هم قادرون ليس كموظفين في وزارة المغتربين و إنما قادرون كمؤمنين بقضية الإنسان المغترب و أهمية الإنسان المغترب لوطنه. و باسمكم جميعاً أود أن أتوجه شخصياً بالشكر الى كل من يعمل في وزارة المغتربين لأن ما أحققه أحققه بفضلهم و ليس بفضلي أنا، و بفضل العاملين معي.

     كما قال الدكتور بشارة إن كل من يعمل يخطأ، و ليس أي أحد منا معصوماً عن الخطأ. و هذه الجالية التي قلت أنها تمثل شريحة ممتازة  عن الوطن العربي هي أيضاً تمثل بعض المصاعب التي تعترض الوطن العربي.

      و إذا أردنا أن نتكلم بصراحة و بعيداً عن الإنشاء و المقدمات فإن أول صعوبة تعترض العمل العربي المشترك هي أننا لم نتعلم أن نعمل كفريق عمل. و أنا أتحدث عن هذه الأمة التي وصلت الى ما وصلت إليه. فأمة كالأمة العربية لديها من القدرات و الخبرات و الامكانات المادية و الروحية و غيرها لا تمتلكه أمة ربما في أرض. وصلت الى مآزق صعبة في تاريخنا الحديث بسبب أمر بسيط هو أن كل فرد يريد أن يبني مملكة لذاته. و أننا لا نعرف كيف نضع القضايا نصب أعيننا و نذوب كأشخاص في هذه القضايا. و أعتقد أننا إذا أردنا أن ننهض في مستقبلنا القادم فلا بد لنا أن نفكر بأنفسنا كحاملي قضية و ليس كأشخاص. و أعتقد أن هذا هو الدواء الناجع لنا كمنظمات و دول و أفراد أيضاً. و لا ينقصنا سوى أن نكون صادقين مع أنفسنا و نكون صادقين مع بعضنا و نعترف أننا الى حد اليوم لم نضع آليات العمل المناسبة التي تمكننا من العمل سوية ً. لا توجد لدينا في هذا العالم العربي آليات العمل المناسبة التي تبرز هذه الطاقات و توظف هذه الطاقات الموجودة لدينا خير توظيف. و أني اعتقد أنه بدلاً من الشكوى يجب أن يبدأ كل منا من نفسه. و يحاول كل من أن يبحث عن أنجع الطرق من أجل وضع آليات العمل هذه و من أجل العمل ضمن فريق عمل لا بد و أن نتائجه تكون أفضل بكثير من العمل الفردي و الشخصي.

       فطالما أن أعدائنا يروننا جميعاً كعرب و كمسلمين، و طالما أن أعدائنا يستهدفوننا كهوية ثقافية تاريخية حضارية، هذا هو المستهدف. مع كل الأعذار و كل المقدمات و كل المبررات التي يضعونها فإن المستهدف هو هويتنا و حضارتنا. و سأدلل على ذلك ببعض الأمثلة البسيطة:  حين دخل شارون الى لبنان و احتل بيروت إن أول ما قصفه في بيروت هو المركز الثقافي التراثي الفلسطيني. و قضى على ذلك على نماذج اغترابية و أعمال فنية  فلسطينية لم نعد نمتلك مثيلاً لها اليوم. و أن  أول ما نهب في بغداد هو متحف بغداد. و أن أو ل ما سرق في البصرة هو مكتبة البصرة. و أن ما ينهب اليوم في العراق هو آثار بابل و نينوى. و أن ما يحدث للشعب الفلسطيني هو حرب إبادة منظمة مبرمجة. و أن ما فعله شارون هو تطهير عرقي ضد شعبنا و أهلنا.

     لا أخفيكم سراً أني لا أستطيع أن أنظر اليوم الى صورة شهيد لأن الهدف من القتل و إذا رأيتم الجرائد أول البارحة كيف قتل شابان فلسطينيان ربما يمثلان ذروة القومية، و رميا في حفرة. ليس الهدف هو القتل فقط إنما الهدف هو الإذلال. إن هويتنا العربية مستهدفة. من هذا الوضع الخطير و الصعب استغرب كيف يمكن لنا أن ننام و نفكر بشيء غير قضيتنا. استغرب كيف يمكن لنا أن ندخل الى صغائر الأمور التي ربما حيكت و نسجت كي تلهينا جميعاً عن القضية الأساسية.

       و أنا أتحدث إليكم بهذه اللغة لأنني أثق أن المغتربين ربما يشكلون منارة لهذه الأمة. ربما يكون الإخوة المغتربين هم الأقدر على إعطاء المثل لهذه الأمة و على الأخذ بيد هذه الأمة الى طريق النجاة.  و آمل أن تكون جاليتكم هنا هي المثل و هي الآلية التي تمكنكم جميعاً من السير على هذا الطريق. لدينا خمسة عشرة مليون مغترب في العالم. هذا الرقم ليس سهل. و معظم جالياتنا السورية هي جاليات محترمة، أثبتت وجودها حيثما كانت و تشعر بانتماء عظيم لوطنها. ماذا لدى عدونا ؟؟ لدى عدونا أشياء بسيطة بالمقارنة بما لدينا، و لكن الفرق بيننا و بينه أنه يعرف كيف يوظف ما لديه أفضل توظيف، و نحن لم نوظف ما لدينا.

      أنا أقول لكم أنني حين كنت في جولة الى الولايات المتحدة الأمريكية في الشهر الأخير من العام الماضي، و زرت سبع ولايات شعرت بالفخر و بالاعتزاز أن هؤلاء السوريين يملئون أفضل المواقع في المهن الطبية و العلمية والهندسية و الجامعية. و شعرت بالحزن أيضا ً حين قالوا لي أننا نحن هنا منذ أكثر من ثلاثين عاما ً و هذا هو أول مسؤول سوري يطأ هذه المدينة وهذا تقصير كبير الحقيقة. يجب أن لا ندع هذه الطاقات بعيدة عن الاستثمار. في مشفى في كليفلاند، والذي هو أفضل مشفى في العالم، ستون بالمئة من الأطباء هم سوريون. قالوا لي أننا أحيانا ً كنا نحضر جلسة الإدارة إذا غاب الاثنان الأمريكيان نتحدث بالعربية. كلنا سوريون. هذا أمر عظيم الحقيقة.

      طبعا ً  لا يخلو الأمر من مشاكل. هناك بعض السوريين الذين غادروا البلد لسبب أو لآخر و الذين لديهم مشكلات مع البلد و لكن علينا أن نفكر أن المشكلة هي مشكلة مع شخص، أو مشكلة مع أمر بسيط و ليست مشكلة مع سورية. لا يوجد أحد لديه مشكلة مع سوريا لأن سوريا هي بلد الجميع و هي الحاضن للجميع. و المشكلة مهما كانت يمكن أن تحل و خاصة أن السيد الرئيس بشار الأسد وجهنا أن الوطن هو للجميع و أنه لا شرط لنا على أحد سوى الانتماء و الفخر بالانتماء. و أنا واثقة أن جميع مواطنينا في كل مكان يشعرون بالانتماء و يفخرون بهذا الانتماء و إلا لما كنتم هنا أصلا ً .

     قبل أن أتحدث بالشأن الاغترابي العام أود أن أقول أنني أريد أن أحيي مجلس إدارة الرابطة لأنني اطلعت على بعض المشاكل التي اعترضت مسار العمل الاغترابي و بعض ربما الناس الذين وقعوا ضحية افتراءات أو أشياء لا أساس لها و لكن مجلس إدارة الرابطة قد أتخذ قرارا ً بحق هؤلاء.  و بعد اللقاء مع الجميع و الحديث مع الجميع سئلنا مجلس إدارة الرابطة و قد قرر التخلي عن القرار الذي اتخذه  كتعبير منه على رغبته و إرادته بأن يشمل العمل الاغترابي الجميع. و أن يحضر الجميع المؤتمر. و أن تتم الانتخابات بالطريقة المثلى. و أن نكون جميعا ً يدا ً واحدة و صفا ً واحدا ً في وجه الهجمة التي نتعرض لها. و أنا باسمكم جميعا ً أحيي مجلس الرابطة و أشكره على هذه الظاهرة، لأنني سعيدة أن يكون الجميع موجودون هنا و لا أقبل أن يكون أي إنسان غير سعيد بوجودنا جميعا ً مع بعضنا. فشكرا ً لكم.

     في الشأن الاغترابي العام، كما علمتم فقد أصدر السيد الرئيس بشار الأسد المرسوم رقم / 15 / و الذي لا يشترط على المغترب وثيقة خدمة العلم من أجل تثبيت زواجه  و نحن في الحقيقة نعرض كل المشاكل التي تعترض الأخوة المغتربين للسيد الرئيس، و السيد الرئيس كله آذان صاغية لكل مشكلة تعترض طريق العمل الاغترابي  أو تزعج أي منكم. و في جلسة عقدها مجلس الشعب و كنت أنا أجيب عن أسئلة وجهت الى الوزارة كان هناك موضوعان أساسيان: موضوع المرسوم رقم / 19 /  و الذي يتحدث عن بدل الاغتراب، و موضوع المرسوم رقم  / 11 / و الذي يتحدث عن خدمة العلم. وقد اطلعت السيد الرئيس عن المناقشات التي دارت و وجهني أن نبحث عن طرق خلاقة من أجل تعديل القانون. و ربما نجد الأجوبة المناسبة من أجل تعديل المرسوم رقم / 11 / بإذن الله.

       و لكن السيد الرئيس أوصاني أن أقول لكم مايلي: إن السيد الرئيس ينظر الى المغتربين محاولا ً مساواتهم بالمواطن أيضا ً فإذا فكرنا بطبيبين سوريين واحد منهم أتى الى بلاد الاغتراب و أنهى دراسته الطبية و بقي في بلاد الاغتراب و طبيب آخر سوري أتى معه و عاد بعد أن أنهى دراسته الطبية الى الوطن. طبعا ً أول ما يفعله يخدم العلم و من ثم يبدأ العمل في أي مشفى أو أي عيادة. فكيف أريد أن أكافأ المغترب الذي بقي هنا، أنهى دراسته و بقي في المغترب أعفيه من خدمة العلم، أما المواطن الذي عاد الى الوطن فعليه أن يخدم العلم. إن ما يريده السيد الرئيس هو المساواة في المواطنية، و أن لا يكون الاغتراب سببا ً لتفضيل مواطن على آخر. و لكن مع ذلك وجهني السيد الرئيس أن الطبيب الذي بقي في المغترب على سبيل المثال لسبب ما و يريد أن يعيد ربط وسائل وشائجه بوطنه الأم علينا أن نقدر بطريقة خلاقة يشعر بها هذا المواطن أن هذا الطبيب قد أدى واجبا ً  أيضا ً تجاه وطنه. و ليس الهدف ماديا ً على الإطلاق. يعين، ناقشنا في مجلس الشعب بـ  10000  بـ 15000 دولار، و لكن السيد الرئيس قال لي أن الهدف ليس أخذ الأموال من المغتربين على الإطلاق. و إنما الهدف أننا كحكومة يجب أن نكون عادلين و أن نضع القوانين التي تعدل بين المواطنين و لذلك وجهني أن أفكر بطرائق خلاقة تستفيد من الأخوة المغتربين من أجل الوطن، ربما بأفكارهم، ربما بمهنهم، ربما بعملهم و ليس شرطا ً أن تكون خدمة العلم خدمة تقليدية في الجيش مثلا ً.

     فنحن الآن بصدد دراسة القانون رقم / 19 /. و في الحقيقة انتهينا من دراسته لأن معظم الأسباب الموجبة لهذا القانون لم تعد قائمة  في دفع بدل الاغتراب، و انهينا الدراسة و نعرضها الآن على خبير قانوني. و نحن الآن   بصدد دراسة المرسوم رقم     / 11 / و كان قبل المرسوم رقم / 11 / في الحقيقة المرسوم رقم / 47 / و كان مرسوما ً جيداً  لا أعلم لماذا لم يتم الالتزام به .إحدى نقاطه كانت أن من ولد خارج سوريا أو غادر سوريا و عمره  12  عاما ً يدفع 1000 دولار. هذا هو المرسوم عام 1974. نحن الآن بصدد دراسة المرسومين و نحاول أن نجد الطريقة المثلى من أجل تمكين إعادة ارتباط المغترب بوطنه و من أجل تمكين القربة بين المغتربين و بين وطنهم. و لكن الى أن يتم ذلك لدينا توجيهات من السيد الرئيس أن ندرس إمكانية  تسهيل سفرات الأخوة المغتربين بشكل أفضل و بالشكل الذي يحقق طموحاتهم و يلبي رغباتهم بالتواصل مع الوطن الأم بأي سبب كان. و البارحة أرسل أحدهم أن تكون الفترة السنوية لزيارتين بدل زيارة واحدة. يعني الآن مسموح سفرة لمدة ثلاثة أشهر، أي نقسم هذه السفرة لفترتين: يعني تعطى لمرة واحدة في سفرتين. و يستطيع الإنسان أن يأخذها في مرتين.  يعني هذا اقتراح ممكن.  بالنسبة لأي ظرف طارئ يعترض أي منكم و في أي مكان، لا سمح الله حالة وفاة أو مرض شديد الخ…، خولنا السيد الرئيس في وزارة المغتربين أن نتصل بالسلطات المعنية مباشرة ً و أن يدخل المغترب خلال 12 و نضع له برقية في المطار.

    و نحن في وزارة المغتربين مستعدون و سوف يكون لكم الــ e-mail و موبايلات و يمكنكم الاتصال في أي لحظة في الليل أو النهار أو في أي وقت. نحن في خدمتكم، في أي طارئ نحن جاهزون. و بذلك نحن سعداء. لا توجد أي مشكلة على الإطلاق. حدثني أكثر من مغترب في أكثر من بلد و الحمد لله تمكننا في القيام بالواجب على أكمل وجه و أرجو أن نستمر بهذا على هذا النحو.

     كما قلت لكم نحن نتعامل مع الاغتراب على أنه قضية وطنية و ليس على أنه وظيفة أو عمل. وزارة المغتربين سوف يكون هناك من يرد على الهاتف، و يرد على e-mail من التاسعة صباحا ً حتى العاشرة مساء ً يوميا ً. و حتى في أيام الجمعة و الأعياد عملنا نظام مناوبات في وزارة المغتربين بسبب اختلاف التوقيت مع الأخوة المغتربين في الأمريكيتين و في أماكن أخرى. و بسبب أننا لا نعرف متى يحتاجنا الأخ المغترب. و قررّنا أن تكون هذه الوزارة مفتوحة سبعة أيام في الأسبوع  من الثامنة صباحا ً و حتى العاشرة مساء ً. و بالإضافة إلى ذلك لديكم أرقام تلفون، لديكم أرقام موبايلات يمكنكم الاتصال بنا في أي وقت تشاءون.

     ما أريده أن أقوله لكم هو أننا و باسم السيد الرئيس نتوجه إليكم جميعا ً على جهودكم و نحثكم على العمل سوية ً و على تجاوز نقاط الاختلاف. و كما قلت البارحة الاختلاف هو أمر جميل. و الحقيقة أن الله سبحانه و تعالى خلقنا مختلفين لكي نتعارف و لكي نعمل سوية ً . و كما قال السيد الرئيس قبل زيارته الى تركيا سألوه عن الخلاف، و أنا اشكر الدكتور بشارة لأنه ذكرني بهذا المثال و هو مثال ممتاز الحقيقة، سأله أحد الصحفيين: هل سوف تناقش مسألة الحدود مع المسؤلين الأتراك؟  فقال له السيد الرئيس أولا ً نبدأ بنقاط الالتقاء، نقاط التفاهم، و إذا كان لدينا خمسين بالمئة من نقاط الالتقاء نناقش هذه النقاط. و لا شك أن الحديث عن نقاط التفاهم و الاختلاف سوف يمكننا على التغلب على نقاط الاختلاف و تجاوزها. و أعتقد أن هذا منهج جميل نفخر أن نقتبسه من السيد الرئيس بشار الأسد. و أن نتبناه ليس فقط في عملنا السياسي و إنما في عملنا اليومي. نبدأ بنقاط الالتقاء مع أي كان، و نبدأ بنقاط العمل التي نتفق عليها و أن نترك جانبا ً ، الى حد ما، نقاط الاختلاف و من ثم نناقشها بقلب مفتوح و بصدر مفتوح بغية التغلب على نقاط الاختلاف.

     أنا أتذكر عندما كان يزورنا مسؤلون أوروبيون و يلتقون بالسيد فاروق الشرع وزير الخارجية في وقت ما. كان المسؤلون في الاتحاد الاوروبي يوقفون الساعة، أي يضعون الساعة جانبا ً لأن الاجتماع مقرر مثلا ً من الساعة التاسعة مساء ً الى الحادية عشرة مساء ً لم يتمكنوا أن ينجزوا أي نقطة. فعندهم تعبير و stopped watch بالانكليزية، أن يوقفوا الساعة و يتحدثوا يوم يومين لا يخرجوا من الاجتماع إلا بعد أن يتفقوا. و أعتقد هذا شيء جميل أن يتعلمه الإنسان من الآخرين. حين تختلف مع أفراد أسرتك لا تتخلى عن الأسرة، تعود و تناقشهم. و تعود و تتحدث معهم. و أرجو أن تكون الرابطة و السفارة و المنظمة الحزبية و الاتحاد هي أسرتنا. حين نختلف نعود لنتناقش لماذا اختلفنا، و ما هو الحل الأمثل، و ما هو الطريق الصحيح لكي نعمل سوية ً.  و كل واحد منا له أفكار و له أعمال جيدة. يعني لا يوجد واحد منا ملاك أرسله الله سبحانه و تعالى لنا. و لا يوجد واحد خالي من الايجابيات. يعني كلنا لنا أخطاءنا و كلنا لنا إيجابياتنا. و الحكمة هي أن نبحث عن الايجابيات و أن نتجاوز الأخطاء بما فيه مصلحة الوطن.

      و أنا أعتقد أننا حين نكون صريحين مع بعضنا، و حين نضع قضية ً نصب أعيننا لا مجال للاختلاف، الحقيقة. و لكن يجب علينا أن نكون شفافين. يعني عندما نختلف مع شخص نناقش الشخص و ليس الذهاب الى شخص آخر و نكلمه عن الخلاف، يعني عندما تختلف أنت مع الدكتورة بثينة لماذا تذهب الى الدكتور أسامة و تحدثه عن هذا الخلاف؟؟ لماذا لا تذهب للدكتورة بثينة و تتحدث معها ؟؟ لماذا لا نتبع الطريق المباشر.  و صدقوني بالنتيجة الصراحة و الصدق هي التي تلقى الاحترام، و هي التي تلقى القبول، و هي التي تمكننا جميعا ً من العمل.

    فأرجو أن نتبنى هذا الأسلوب و أن نكبر على الخلافات و مهما كان يوجد حساسيات أو اختلافات بين الأفراد أرجو أن تكون شيئا ً من الماضي. و نبدأ اليوم صفحة جديدة هدفنا التعاون مع السفارة، التعاون مع الرابطة، التعاون مع الاتحاد الوطني، التعاون مع المنظمة الحزبية، و أن نعمل جميعا ً كفريق عمل واحد بما فيه خير هذه الأمة.

    الشأن الاغترابي وزارة المغتربين كما قلت لكم موجودة و تحدثت مع السيد الرئيس من أجل المغتربين. فأي شِأن اغترابي هذا اختصاصنا، أهلا و سهلا بكم متى تشاؤون. أي شأن دبلوماسي هذا اختصاص السفارة. أي شأن حزبي هو اختصاص المنظمة. دعونا نتحدث بشكل علمي، و نفصل الأمور عن بعضها، الحقيقة.  لأن هذا الشيء يسهل لنا عملنا و يساعدنا أن نقوم بشيء ما: أي  أن نضع الأمور بنصابها الصحيح، نضع الإجراءات السليمة، نتحدث بشكل سليم و بشفافية مطلقة. حين يكون هدفنا هو خدمة الوطن لن نختلف و لن نخجل من أي أمر نقوم به.

      و الحقيقة أنا سعيدة أن هذا هو أول مؤتمر اغترابي احضره.  و أرجو أن تسير أعمال هذا المؤتمر، و أنا واثقة أنها ستسير على أكمل وجه. و أرجو من كل منكم أن يختار من يراه أنه خير من يمثله. سوف تكون الانتخابات بغاية الشفافية و بغاية المصداقية و بغاية السرية. نحن نريد أن يمثل هذه الجالية من ترتأون أنتم أنه خير من يمثل هذه الجالية.  لا توجد أي رقابة لأحد على قراركم. أنتم من تمررون، و أنتم الذين تتواجدون على أرض الواقع، و أنتم الذين تعرفون من هو خير من يمثلكم. و أرجو أن يكون العمل دائما ً هو المعيار الحقيقي. يعني أنا يمكن أن أخطب ساعة و لا أعمل شيء، و لكن العمل هو المحك الحقيقة. و صدقوني لو لم أعش المعترك بكل جوانبه لم أتمكن من التحدث أمامكم بهذه الطريقة أو بهذه اللهجة التي أتحدث بها. و أعتقد أنكم قادرون أن تشعروا أنني أتحدث بصدق ما أشعر به و ما أمارسه أيضا ً.

    و سوف أنهي بذكر حادثة طريفة حدثت معي. في عام 1975 عملت في المركز الثقافي و الإعلام القومي مع الرفيق فاضل الأنصاري رحمه الله. و كنت من الناشطين في مجلة المناضل و كتبت مقال في المجلة عن حق المرأة باختيار الزوج.  أنا كنت جديد متخرجة لا عندي عريس و لا أي مشكلة من هذا النوع، و انتشر المقال في كل مكان، و كانت مجلة المناضل في ذلك الوقت تقرأ بشكل عظيم، كانت إحدى المراجع الأساسية. فأتى وقت و أحببت شخص و أردت الزواج منه، شخص عراقي يعني. فأتيت الى أبي. و يعني شو انسان عراقي بدي اتزوجه، مشكلة بالنسبة له. أبي مدرس لغة عربية و إنسان فهيم، و في الحقيقة فضله على رأسي، الفضل له هو في كل ما أملكه من ايجابيات أما السلبيات فهي من صنعي أنا. قلت له ألم تقل لي أنك قرأت المقال في مجلة المناضل و أعجبك و ناقشوه في الفرقة الحزبية و أثنوا عليه. فقال نعم. فقلت له أليس لي الحق أن أختار زوج فقال: إنشاء الله تتصرفين مثل ما تكتبي؟؟ (ضحك شديد).  فأنا أتصرف كما أكتب و أكبت كما أتصرف. و أعتقد أن هذا هو الطريق الأمثل في العمل اليومي. و هو الآن مواطن سوري و يفخر بهذا. و أنا أريد أيضا ً كلمة أخيرة على العمل العربي. يعين نحن في هذه الوزارة أنها وزارة عربية و كما تعرفون أن سوريا هي بلد العروبة و قلب العروبة النابض، و نحن حريصون جدا ً على العمل مع الأخوة العرب من كل الأقطار العربية لأن سوريا هي الحاضن الأول و الأخير للعالم العربي.  أشكركم على إصغاءكم و أتمنى لكم كل النجاح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى